الجمعة، 6 ديسمبر 2013

فاتن حمامة وعمر الشريف



قد تكون قصة حب عمر الشريف وفاتن حمامة وزواجهما، من أكثر القضايا التي أثارت جدلاً وسجالاً والتباسا في تاريخ الفن السابع، والسبب أن فاتن ظهرت في أفلامها أمام الجماهير في صورة الفتاة النقية والمثالية،
حتى إنها أحيطت بهالة من القداسة، فكيف ترتبط (من وجهة نظر الرجعيين والمتزمتين والظلاميين) بشاب غيّر اسمه من ميشال شلهوب الى عمر الشريف، ليصبح زوجا مناسبا لها.‏‏
والمخرج يوسف شاهين حين قدم ميشال شلهوب الى فاتن حمامة، ليشاركها بطولة فيلم «صراع في الوادي» بعد طلاقها من المخرج عز الدين ذوالفقار، والد ابنتها نادية، لم يكن يعلم، انها ستتزوجه، وتثير حولها هذه العاصفة من الخلاف في المواقف بين مؤيدين ومعارضين، والتي دفعت بعض الشبان المتزمتين، الى تأليف جمعية لمقاطعة افلامهما. وحين قفزت الى صفحات الصحف اليومية الأولى، قصة حبهما، كانت فاتن في ذلك الوقت تتربع على القمة كممثلة سينمائية، هي التي بدأت نجمة في الخامسة من عمرها، في حين كان ميشال أوعمر وجهاً جديداً يقف أمام الشاشة لأول مرة. وكان موضوع فيلم «صراع في الوادي» عاطفيا وشبيها بقصة «روميووجولييت»الشيء الذي جعل قصة حبهماعلى الشاشة مطابقة للحقيقة والواقع. وبعد سنوات قليلة، بدأت تنتشر في الصحافة إشاعات كاذبة عن خلافات بينهما، وكان عليهما مرة اخرى مواجهة فوارق البيئة والاندماج بحياتهما الجديدة بشجاعة وصلابة نادرة، يقول عمر الشريف في مذكراته: لم تستطع فاتن ان تحتفظ بسمات البنت المصرية العادية، بل انتقلت الى البيئة التي أنتمي اليها بالمولد، وأصبحت مثل بنات الذوات، تلعب البريدج،حتى إنني كونت معها ثنائيا كان يفوز احيانا بالمراكز الأولى في بطولة مصر.‏‏

بعد سنوات قليلة جاءت الفرصة الى عمر الشريف، لكي يتحرر وينطلق في رحاب النجومية العالمية عبر مشاركته في ثلاثة افلام (لورنس العرب، والرولز رايس الصفراء،والدكتور زيفاكوالذي رشحه للفوز بجائزة الاوسكار). وأصبح مكانه في الصف الاول بين كبارنجوم ونجمات هوليوود، كما بات اسمه يوضع بجوار اسمائهم وبنفس الحجم. وأخذ يطوف بمجده في أنحاء مختلفة من العالم، بينما بقيت فاتن في مصر.‏‏

وكانت فاتن فخورة بنجاحه وبوصوله الى العالمية، وحين كان حساده يحملون اليها الصور التي تظهره في مغامرات غرامية مع بطلات افلامه «بربرة سترايسند» و«صوفيا لورين» و«انجريد برجمان» و«دبيي ارنولد» و«انوك ايميه» و«افا غاردنر» وغيرهن، كانت تدافع عنه، وكان حبها له يدفعها احيانا للسفر الى المدينة التي يصور بها، وينتهز عمر بدوره فترة وجودها ويهرع إليها والى ابنهما طارق، وحين يكون منهمكا في عمله تستقبلها سكرتيرته كارولين، وتتحاور معها حول اخباره في العمل وخارجه.‏‏
وكانت كارولين تعطيها برنامج عمله اليومي، ومواعيد لقاءاته مع الصحافيين ومع نجوم السينما، حتى إن فاتن حمامة حين سافرت في صيف 1964 إلى مهرجان كان،مالبثت أن لحقت بها كارولين بإيعاز من عمر لتكون في خدمتها، ومن يومها شعرت بأنها تحاول ان تباعد بينها وبين زوجها، مثلما أبعدت الصحافيين الأجانب عنها، ومنعتها من الإدلاء بأحاديث، بصفتها زوجة للنجم العالمي الشهير عمر الشريف، مع ان عمر كان لايزال يشعر بحب صادق نحوها، وكان حين يلتقي معها بعد كل فراق ينسى حلمه الاسطوري الذي حققه، ويضع تحت تصرفها كل مايؤمن لها الإقامة السعيدة في أي مكان من اوروبا، وفي كل لقاء كان اتفاقهما على منح حياتهما المقبلة شيئا من الحرية، وهويعتر ف ان زواجه منها لعب دورا في وصوله الى قمة الشهرة والنجومية الساطعة، ولا يزال يجاهر والى اليوم بقوله: بعد فاتن حمامة لم يكن لدي وقت للحب.‏‏

فاتن حمامة:-
في عام 1940 كان المولد الفني عندما كان يبحث "محمد كريم" رائد مخرجي السينما المصرية عن طفلة تؤدي دورا في فيلم "يوم سعيد" لـ"محمد عبد الوهاب" و كانت و في ذلك الوقت في المنصورة مع والدها رغم أنها مولودة بحي عابدين بالقاهرة عام 1931 .
و جاءت إلى القاهرة و عمرها لم يتعد التسع سنوات لتقدم دورها في هذا العمل الهام لتكتب لها شهادة ميلاد فنية لبراءة ملامحها .
ووالدها كان يعمل مدرسا في ذلك الوقت و لم يصدق نفسه عندما و قع اختيار محمد كريم " علي صور ابنته التي أرسلها له من المنصورة و حضر إلى القاهرة و قدمت الفيلم ثم قدمت بعد ذلك عدة أفلام قدمت فيها أدوارا ثانوية حتى أسند لها "يوسف وهبي " البطولة في فيلم" ملاك الرحمة"1946 لتودع مرحلة الطفولة و تبدأ ملامحها الملائكية تفرض نفسها علي موضوعات أعمالها في ذلك الوقت "الملاك الأبيض"1946 لإبراهيم عمارة" ," ملائكة جهنم" 1947 لـ"حسن إمام و" كانت ملاكا" 1947 لـ"عباس كامل"
ثم بدأت تقدم مجموعة أفلام تكشف بها انكسار الفتاة البريئة و منها اليتيمتان "1948 لـ"حسن الإمام" ، "أنا الماضي" 1951 لـ" عز الدين ذو الفقار" و " اشكي لمين" لـ" إبراهيم عمارة" 1951 و تقدم دورا متميزا مع " صلاح آبو سيف" في لك يوم يا ظالم"1951

و رغم تعدد كل هذه الأفلام إلا أن شخصيتها ظلت تسير بشكل أحادي هو الفتاة الطيبة المنكسرة و هي صورة ميلو درامية معروفة و كانت محببة لدي الجمهور ، ثم بدأت في مرحلة التمرد و الرفض في البداية رفض الثراء الشرير في " صراع في الوادي" لـ"يوسف شاهين" 1954 ، "الله معنا" 1955 لـ"أحمد بدرخان" ، " لن أبكي أبدا" 1957 لـ" حسن الإمام" ثم تسير وفق مرحلة أخري و هي رحلة الصعود للثراء فجأة التي يفضلها الجمهور أيضا و منها " القلب له أحكام" لـ" حلمي حليم" 1956 ،" سيدة القصر" لـ" كمال الشيخ"1958
و يأتي دور هام يغير تماما من شكلها ولأول مرة تتخلى "فاتن" عن براءتها و تستغلها في الشر و ذلك في فيلم "لا أنام" 1957 لـ"صلاح أبو سيف" لتتمرد فيه علي كل أدوارها السابقة و تأتي مرحلةالسبعينيات لتقدم "فاتن حمامه" مشكلات المرأة في " الخيط الرفيع " لـ" بركات" 1971 ، " إمبراطورية ميم" لـ" حسين كمال " 1973 ، أريد حلا" 1975 لـ" سعيد مرزوق" ، ليله القبض علي فاطمة" 1984 و حتى أخر أعمالها في السينما أرض الأحلام" 1993 لتتوج في النهاية نجمة القرن.

عمر الشريف:-
فنان مصري، ولد يوم 10 أبريل عام 1932م باسم “ميشيل ديمتري شلهوب” في الإسكندرية لأسرة مسيحية، وكان والده تاجراً للأخشاب ويريد أن يعمل ابنه معه في هذه المهنة، إلا أن الابن كان شغوفاً بالتمثيل.أشهر الفنان “عمر الشريف” إسلامه حتى يمكنه التزوج من الفنانة “فاتن حمامه”عام 1955م، ولكن انتهى ذلك الزواج بالطلاق بعد 15 عاماً، أنجبا خلالها ولد يدعى “طارق”.
خاض الشريف تجربة التمثيل من خلال المسرح المدرسي على خشبة مسرح كلية فيكتوريا في الإسكندرية، التي قدم بها العديد من التجارب منها “هامليت” وهو لم يتجاوز الثانية عشر من عمره، لكنه بدأ مشواره الفني الحقيقي عندما التقى بالمخرج يوسف شاهين الذي أسند إليه دور البطولة أمام الفنانة فاتن حمامة في فيلم “صراع في الوادي”.كان لقاء عمر الشريف بالمخرج “دافيد لين” إيذاناً باقتحامه مجال السينما العالمية، حيث قدم فيلم “لورنس العرب”عام 1962م الذي حقق له الكثير من الشهرة والجماهيرية بالخارج، ليستمر نجاحه ببطولة فيلم “دكتور زيفاجو”، بعدها توالت أعماله التي منها “الرولز رويس الصفراء”، “الثلج الأخضر”، “الوادي الأخير”، “بذور التمر الهندي”، “المماليك”، “جنكيز خان”، “ليلة الجنرالات”، “فتاة مرحة”، “مايرلنغ” و”الموعد”.

كما شارك الشريف بعده مسلسلات إذاعية مصرية منها “أنف وثلاث عيون” و”الحب الضائع”، ومن أبرز أعماله في السينما المصرية: “صراع في الوادي” و”صراع في الميناء” و”أرض السلام” و”لا أنام” و”سيدة القصر” و” نهر الحب” و”إشاعة حب” و”في بيتنا رجل” و”الأراجوز” و”المواطن مصري” و”ضحك ولعب وجد وحب” و”السيد إبراهيم” و”حسن ومرقص” و”المسافر”، وفى عام 2007م قدم تجربته الأولى في التمثيل التلفزيوني من خلال مسلسل “حنان وحنين”.نال الفنان العالمي “عمر الشريف” خلال مشواره الفني العديد من الجوائز حيث حصل على جائزة الجولدن جلوب ثلاث مرات كأفضل ممثل صاعد عن فيلم “لورنس العرب “عام 1963م، وكأفضل ممثل مساعد عن نفس الفيلم في نفس العام، وأفضل ممثل درامي عن مسلسل “دكتور زيفاجو” عام 1965م، كما رُشح لجائزة الأوسكار عام 1962م عن أفضل دور مساعد في فيلم لورنس العرب.بالإضافة إلى جائزة سيزر كأفضل ممثل عن دوره في فيلم “السيد إبراهيم وزهو القرآن” لفرانسوا ديبرون، وجائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن مجمل أعماله، وفي عام 2004 تم منحه جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقديراً لعطائه السينمائي خلال السنوات الماضية.