الثلاثاء، 12 مارس 2013

هاريت توبمان


هاريت توبمان (1820 أو 1821 - مارس 1913) ناشطة في مجال إلغاء الرق وحقوق الإنسان وجاسوسة لصالح الإتحاد خلال الحرب الأمريكية الأهلية. قامت هاريت توبمان بعد أن هربت من العبودية التي ولدت فيها بثلاثة عشر مهمة لإنقاذ أكثر من 70 شخصاً من العبودية، وذلك بمساعدة شبكة من الناشطين في إلغاء الرق، وباستخدام بيوت آمنه وطرق سرية كانت تعرف بنفق سكة الحديد. وناضلت توبمان في فترة ما بعد الحرب من أجل حق المرأة في التصويت.
تعرضت توبمان في صغرها للضرب على يد الكثير من أسيادها في مقاطعة دورشيستر، ماريلاند. وتعرضت في وقت مبكر من حياتها إلى جرح كبير في الرأس عندما ضربت بمعدن ثقيل ألقاه مراقب غاضب في اتجاهها قاصداً أن يضرب به عبد آخر. تسببت الاصابة لتوبمان بصداع ونوبات وتخيلات ورأى، ونوبات من فرط النوم التي لازمتها طوال حياتها. كانت تصف الرؤى والأحلام كمسيحية متدينة بأنها إلهام من الخالق.

هربت توبمان في عام 1849 إلى فيلادلفيا، لكنها سرعان ما عادت إلى ماريلاند لإنقاذ عائلتها. أخرجت عائلتها من الولاية ببطء على مجموعات، وقادت العشرات من العبيد إلى الحرية. كانت توبان أو موسى كما كانت تدعى تسافر ليلاً وبتكتم وسرية ولم تفقد أياً من المسافرين معها كما وضحت يوماً في اجتماع لمنح المرأة حق التصويت.
عملت توبمان خلال الحرب الأهلية الأمريكية لصالح جيش الاتحاد، في البداية كطاهية وممرضة ثم مسلحة وجاسوسة. وكانت أول امرأة تقود حملة مسلحة في الحرب. وقادت حملة حُرر فيها 700 من العبيد. بقيت بعد الحرب في منزل العائلة في أوبورن نيويورك حيث كانت تعتني بوالديها المسنين. وكانت ناشطة في حركة حق المرأة في التصويت حتى أنهكها المرض ودخلت في بيت للمسنين الأمريكين من أصل أفريقي والتي ساعدت هي بفتحه في الأعوام السابقة.

كانت هاريت تُدعى عند ولادتها أرامنتا روس، وكان والديها هاريت جرين وبن روس من العبيد. لم يسجل بالتحديد مكان ووقت ولادة هاريت كحال العديد من العبيد في أمريكا، واختلف المؤرخين في أدق التقديرات.
وصلت مودستي جدة توبمان لأمها إلى أمريكا على متن سفينة الرقيق من أفريقيا، ولا تتوفر معلومات عن أجدادها الآخرين. وقيل لتوبمان في طفولتها أنها تنتمي إلى سلالة أشانتي (وهي ما تعرف بغانا اليوم)على الرغم من عدم وجود أدلة لتثبت أو تنفي هذا الإدعاء. كانت والدة توبمان طباخة عند عائلة بروديس، وكان والدها بن حطاب ماهر يشتغل في تقطيع الآخشاب في المزرعة، وتزوجوا في عام 1808 تقريباً، وكان لهم 9 من الأولاد بحسب سجلات المحكمة.
ناضلت هاريت الأم للمحافظة على لم شمل العائلة بينما حاولت العبودية تشتيتها. فقد باع إدوارد بروديس ثلاثة من بناتها، وفرقهم عن العائلة إلى الأبد. وعندما قدم تاجر من جوجيا إلى بروديس من أجل شراء موسى أصغر الأبناء، قامت والدته بتخبأته لمدة شهر بمساعد العبيد الآخرين والسود الأحرار في المجتمع، حتى أنها واجهت مالكها بأمر البيع ذات مرة. وفي النهاية جاء التاجر وبروديس إلى مكان العبيد لانتزاع الطفل، فأخبرتهم الأم: "أنتم هنا من أجل ابني، لكني سأفتح رأس أول رجل يدخل إلى بيتي." تراجع المالك وتخلى عن فكرة البيع. يقول كتاب السيرة أن هذا الحدث قد ألهم هاريت توبمان إيمانها في إمكانية المقاومة.

كانت توبمان ترعى إخواتها الصغار في طفولتها لانشغال والدتها في البيت الكبير وقلة الوقت التي تقضيه مع العائلة، وفي سن الخامسة أو السادسة عُينت كمربية في بيت السيدة سوزان، وأُمرت بمراقبة الطفل حين ينام، وكانت تُضرب عندما يستيقظ ويبدأ بالبكاء. وذكرت توبمان عن يوم معيناً عندما جلدت خمس مرات قبل الإفطار، وحملت آثار الجلد بقية حياتها، وهددت فيما بعد لسرقة قطع من الحلوى فختبأت في حضيرة خنازير لمدة خمسة أيام، وكانت تتقاتل مع الخنازير من أجل الطعام. وعندما بتدأت تتضور جوعاً عادت إلى منزل السيدة سوزان وتلقت ضرباً شديد.
وعملت توبمات في طفولتهاأيضاً في منزل مزارع يدعى جايمس كوك حيث كان يأمرها بالنزول في المستنقعات لتفقد أفخاخ فأر المسك، وحتى بعد إصابتها بالحصبة كانت تُرسل داخل مياه تصل إلى مستوى الخصر. أُعيدت إلى البيت عندما مرضت بشدة، لكن سرعان ما أعاد مالكها توظيفها في العديد من المزارع حينمااستعادت صحتها. وعندما كبرت وزادت قوتها عُينت في أعمال مثل الحرث وقيادة الثيران والعمل في الغابات.
أُرسلت توبمان في يوم من الأيام في سن المراهقة إلى مخزن لشراء بعض المستلزمات، وقابلت هناك عبد مملوك من قبل عائلة أخرى كان قد ترك الحقل من دون إذن. طلب مراقبه الغاضب من توبمان مساعدته في تقييد الشاب، لكنها رفضت وهرب العبد، فرمى المراقب ما يزن 2 رطل فأصابت توبمان بدلاً من العبد الهارب، مما تسبب في كسر جمجمتها كما قالت. أعُيدت توبمان إلى بيت مالكها وهي تنزف وفاقدة الوعي وبقيت جالسه على مقعد بدون أي عناية طبية لمدة يومين. وأرسلت بعد ذلك إلى الحقول حيث قالت أن الدم والعرق كان يسيل على وجهها حتى حجب عنها الرؤية. قال رئيسها أنها لا تسوى ست بنسات وأعادها إلى مالكها مرة أخرى الذي حاول في بيعها ولم ينجح. بدأت تفقد الوعي بالرغم من أنها كانت تزعم أنها تعي ما يحدث حولها وبالرغم من أنها كانت تبدو نائمة. كانت هذه الأوقات مقلقة لأفراد عائلتها الذين لم يستطيعوا ايقاضها عندما كانت تنام فجأة بدون إنذار. ولازمت هذه الحالة توبمان طوال حياتها. يقول لارسون من أنها قد تكون عانت من صرع الفص الصدغي نتيجة للإصابة.
حدثت إصابة الرأس الشديدة هذه لتوبمان في وقت أصبحت فيه شديدة التدين. كانت تحكي لها أمها عن قصص من الكتاب المقدس في طفولتها، وكان لديها إيمان عميق بالله، ورفضت تفسيرات البيض للكتاب والتي كانت تحث العبيد على الطاعة، ووجدت الهداية في العهد القديم.

أُعتق بن والد توبمان من العبودية في عام 1840 في عمر الخامسة والأربعين كما نصت وصية أحد المالكين السابقين، لكن عمره في الحقيقة كان آنذاك خمسة وخمسين سنة، وأكمل عمله لدى عائلة ثومبسون التي كانت تملكه كعبد. تواصلت توبمان بعد عدة سنوات مع محامي من البيض ودفعت له خمسة دولارات ليحقق في وضع والدتها القانوني. اكتشف المحامي أن المالك السابق أصدر أوامر بأن هاريت يجب أن تعتق مثل زوجها في عمر الخامسة والأربعين. وبينت السجلات أن ذات الحكم يبنطبق على أبنائهم. لكن العائلات المالكة تجاهلت هذا الشرط عند ورثتهم للعبيد، وكانت معرفة هذا الأمر عسيرة على توبمان.
تزوجت توبمان من رجل أسود حر يدعى جون توبمان في عام 1844 أو قريب من ذلك. على الرغم من أنه لا يعرف إلا القليل عنه وعن حياتهما معاً، إلا أن زواجهما كان معقداً بسب عبوديتها. ولأن حالة الأطفال تتبع حالة الأم، فإن أي طفل يولد لجون وهاريت سيكون عبداً. هذا النوع من الزيجات بين العبيد والأحرار لم يكن غير مألوف في الساحل الشرقي لولاية ماريلاند حيث نصف السكان السود كانوا أحرار. أغلب العائلات الأمريكية من أصول أفريقية كان لديها أفراد أحرار ومستعبدين. ويعتقد لارسون أنهم ربما حاولوا أن يشتروا حرية توبمان.
عاد المرض إلى توبمان من جديد في عام 1849، ونتيجة لذلك قلة قيمتها كمستعبدة. حاول إدوارد بروديس أن يبيعها لكنه لم يجد أي مشتري، مما أدى إلى زيادة غضبه وظلمه على عائلتها. كانت توبمان تدعي لمالكها كل ليلة وتطلب من الله أن يغير من أساليبه، وكان هو يأتي بالمشترين طوال الوقت الذين كانوا يتفحصوها ويذهبون. عندما شعرت توبمان بأن صفقة بيعها على وشك الانتهاء أصبحت تدعي على مالكها وتطلب من الله أن يبعده عن طريقها. توفي أدورد بعد أسبوع من ذلك وعبرت توبمان عن ندمها على مشاعرها تلك، حيث أن موت إدوارد زاد من احتمال بيعها وتشتت العائلة. بدأت إليزا أرملة إدوارد بالعمل على بيع أفراد العائلة. رفضت توبمان انتظار عائلة بروديس للتقرر مصيرها بالرغم من كل محاولات زوجها لإثنائها عن ذلك، ورأت أن لديها خيارين لا ثالث لهما:إما حريتها أو الموت.
هربت توبمان وأخويها بن وهنري من العبودية في سبتمبر من عام 1849 وعملوا في مزرعة كبيرة يملكها أنتوني ثومبسون. عندما لاحظت إليزا بروديس هروبهم قامت بعمل إشعار هروب ووضعت مكافأة 100 دولار لكل عبد يُعاد. قرر إخوة توبمان العودة خوفاً من المخاطر وتراجعوا عن فكرة الهروب، خصوصاً أن بن قد أصبح أب، واضطرت توبمان أن تعود معهم.
هربت توبمان ثانية، ولكن من دون إخوتها هذه المرة. حاولت أن ترسل إلى والدتها خبر هروبها قبل مغادرتها عن طريق مستعبدة تثق بها تدعى ماري. الطريق التي سلكتها في الهروب غير معروفة، لكنها استفادت من الشبكة الواسعة المعروفة بنفق سكة الحديد، وهي نظام غير رسمي منظم يتكون من سود عبيد وأحرار وناشطين في مجال إلغاء الرق من البيض وأخرىن. سلكت توبمان طريقة معروفة لدى العبيد الفاريين على طول امتداد نهر تشوبتانك، خلال ولاية ديلاوير، إلى ولاية بنسلفانيا، وقطعت رحلة ما يقارب من تسعين ميلاً سيراً على الأقدام في خمسة أيام وثلاثة أسابيع.



بدأت توبان بالتفكير في عائلتها حالما وصلت إلى مدينة فيلاديلفيا. كانت غربية في أرض غربية، وتركت عائلتها وأصدقائها خلفها في ماريلاند. كانت حرة وأرادت أن يكونوا عائلتها كذلك.عملت توبمان بوظائف مختلفة من أجل توفير المال. وأصدر في ذلك الوقت الكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية قانون يفرض على جميع الولايات المساعدة في القبض على العبيد الفاريين، حتى الولايات التي تحظر العبودية، وفرض القانون عقوبات شديدة على كل من يساعد العبيد على الهروب. زاد هذا القانون الخطر على العبيد الفاريين الذي اتجه كثير منهم إلى كندا.
تلقت توبمان في ديسمبر من عام 1850 تحذيراً أن ابنة أخيها ستباع مع ابنيها في كامبردج، ماريلاند. خافت توبمان من تشتت عائلتها واتخذت قراراُ قليل من العبيد قد قاموا به وقررت أن تعود طوعاً إلى أرض العبودية. عادت إلى بلتيمور واستطاعت تهريب أقاربها إلى منزل آمن بمساعدة بعض المعارف، ثم نقلتهم معها إلى فيلادلفيا.
في الربيع التالي اتجهت توبمان إلى ماريلاند مرة أخرى لمساعدة أفراد أخرون من عائلتها. لُقبت توبمان بموسى نسبة إلى النبي موسى الذي قاد العبريين إلى الحرية كما في الكتاب المقدس بعد أن ساعدت الكثير للهروب من العبودية.
ساعدت توبمان الكثير للهجرة شمالاً إلى كندا في رحلات محفوفة بالمخاطر بعد اصدار قانون العبيد الهاربون.