الأربعاء، 20 مارس 2013

عاصفة تغيير



كثير من الأحيان نأخذ برهة قصيرة من تلاحق مهام الحاضر الذي نعيشه لكي نراجع ما وقع من أحداث الماضي وكان السبب في الواقع الذي نحن بصدده حالياً، لحظة مقارنة بين ما نحن فيه وما كنا عليه، لحظة قوية المصداقية تنقلنا إلى حيث لا نحتسب من ذكريات قد تغلب عليها الدهر لأنها ليست أهم ما في العمر؛ والشئ الحتمي هو أننا نتأكد بأن أكبر همومنا في صغرنا لا تُحسب حتى من أبسط مشكلة تواجهنا اليوم.. ولكن ما كان لنا أن نصبح أقوياء حتى نستحق قيادة حياتنا الحاضرة اليوم إلا بإجتياز ما كنا نواجهه في الماضي، وهذا ما لا يمكن أن نجد جدالاً فيه ونحن نسرد تسلسل أحداث حياتنا التي يوجد بها أهمية لكل عنصر في شخصيتنا، جميعنا نولد بلا أخطاء بلا عيوب بلا مشاكل ونتدرج في الحياة نحو التغيير السئ أو الحسن حسب رغباتنا وغرائزنا التي تكونت من أول إستيعاب لعقولنا من توجيهات الوالدين، فلا يوجد إنسان مولود بعيوبه من الشر أو بمزاياه من الخير فخالقنا العادل لن يخلق في عقولنا آفة تُعيق سير حياتنا وتجعلنا مياليين للشر من دون الخير بحكم طبيعتنا!
فما لنا نبدأ طريقنا بالضعف مع أنفسنا لكي يؤدي ذلك بنا إلى التخاذل مع الناس والخضوع للشيطان وهذا بالطبع يقودنا إلى حفنة من المأساويات لا فرار منها إلا بالفرار أولاً من أغلال الضعف التي تقيضنا وتجعلنا منساقين كالأنعام في قطيع الدنيا، فحرفية الإختيار تجعل منك قناص ناجح في كل مواقف حياتك وتُنمي لديك مهارة الإنتقاء؛ فيكون لديك ذوق رفيع في إنتقاء كلماتك التي تستخدمها في حديثك؛ في إنتقاء أفكارك التي تدفعك إلى الأمام وتطوير فعالياتك لكي لا تُحبط من أي سارق لأحلامك؛ في إختيار السبل التي تجعل تحقق إنجازات لا يستطيع أحد أن يفعلها؛ في إنتشال الصفات السيئة التي تعكر صفو شخصيتك وتحاول تغييرها معتمداً على إصرار التحسن داخلك؛ أما إستراتيجياتك في التعامل مع الناس فهي تستحق وضع خطط تفاعلية تقود علاقاتك مع كل صنوف الشخصيات من حولك.. 
فربما تقابل الشخصيات العدائية والتي تتعامل معك بمبدأ الندية والتعنت في أي حوار بينكما أو أي تعامل متشارك، فهؤلاء الأشخاص تكون عقولهم منغمرة في خلفيتهم التشاؤمية من قبل أي صدمة أثرت بهم مسبقاً وبالتالي يكون ظنهم بك أنك تتعامل معهم بمبدأ المنفعة الذاتية وأنك تستغلهم لصالح رغباتك الجشعة؛ وبالتالي يجب عليك أن تتجنب تماماً أسلوب الأوامر والإلحاح في الطلبات معهم بل يجب عليك أن تتبادل معهم الإحتياجات وتلتزم آداب الحوار مهما أثاروا غضبك حاول أن تثبت لهم أنك من الناس الذين لا يسعون إلى الكراهية والعدوانية.. وهناك أناس منغلقين على أنفسهم لا يتركون لك أي مساحة للتعارف لأنهم يخشون غدر وأذى الناس فتجدهم يعتبرون أبسط أمور حياتهم من الأسرار المهمة فهم يفضلون الغموض عن الوضوح ويلجأون إلى الإنطواء عن الإنبساط؛ ولذلك يجب أن لا تخترق التعامل معهم فتعتبر كل شئ من ظواهرهم ينتمي إلى الخصوصية فعندما تلتزم التدرج البطئ في تقربك لهم حتى في التعاملات الرسمية تجدهم يعطونك الثقة دون توجس أو خوف.. وهناك أشخاص ماديين يطمعون في مقابل لكل ما يقدمونه حتى وإن كان من واجباتهم بل إنهم يبخلون عليك بالنفع في حالة مطالبتك بحقك منهم ويعطون لك ألف سبب غير مقنع ليتهموك بالتقصير؛ ولذلك يجب عليك أن تواجهم بأنهم إن كانوا يرغبون بمص دماءك وإستغلالك ليعطوك حقوقك فأنت لن تستسلم لمكائد أطماعهم.. وهناك أشخاص مثيرين للضحك بتخازلهم عن أي مسؤولية ملقاة على كتفهم فهم فنانين التنصل من العمل ولا يجدون سبب يجعلهم يقدمون على التعب والمجهود سواء من أجل الترقي في درجات نجاحهم أو من أجل روح التنافس أو حتى من أجل تحصيل المال فهم عدماء الطموح في أي مجال؛ ولذلك يجعلوا منك أعظم إنسان لا يعترفون بفضله رغم تحمله كل مطالبهم ومسؤولياتهم ظنناً منهم أنك ستتسلط عليهم بحكم جمائلك لهم؛ وهؤلاء يجب عليك أن تتعامل معهم بمنطقهم الطفولي حيث تجعلهم بحنكة تصرفك يظنون أنهم يجعلوك تفعل ما يحلو لهم ولكن في الحقيقة هم يفعلون ما أنت تريده لأنك عندما تكون محط الأنظار لما تتحمله من مسؤوليات غيرك تزداد سلطاتك عن غيرك.
  كل من له أيام يعيشها لديه تغيرات في حياته فلا يوجد أي شخص لديه ولو يوم واحد متكرر مع شخص آخر فكل يوم تعيشه لديه أحداثه وحصيلته المنفردة ولكن هل قمت بتعداد للأيام التي عشتها منذ ميلادك وحتى الآن، بنظرة متعمقة إن قمت بعملية تفنيط لتسلسل أحداث حياتك ستعلم أن يوجد لديك أيام محددة كانت محطة إنتقال مهمة في حياتك وكنت تراها وكأنها عاصفة مخيفة ستقلب حياتك إلى ما لا تستطيع أن تتوقعه، ولكن عندما تخوض تجربة الحدث وتجد نفسك في حالة أزمة تحتم عليه سرعة التفكير وحسن التصرف ستتأكد أنه لولا حدوث هذه العاصفة لما كان لك أن تتعلم كيفية المواجهة لكل ما هو صعب بالنسبة لك وما كنت ستكتسب سرعة البديهة في حل الأزمات وما كنت ستعرف قيمة إستغلال عقلك وإمكانياتك وماكنت ستكتشف حقيقة أناس كانوا مُلاصقين لك طالما تبعث لهم بين الحين والأخر بمنفعة تجعلهم يقدسون أهميتك، فعندما تتقدم في خطوات حياتك وتنظر إلى ما مضى من تقلبات في حياتك ستعلم أن كل عاصفة تغيير نقلتك إلى الأفضل وأن كل مشكلة صاحبتك جعلت منك إنسان أقوى.
 ربما يعطيك الله -عزوجل- فرصة التغلب على أخطاءك الماضية التي أخذت منك بعض الندم؛ بأن يتكرر نفس الخطأ مع أحد الأقربين منك في حياتك وحين ذلك يراودك اليقين أنك ليس وحدك من كنت تقع في مشاكل غريبة عنك في ماضيك بل ها هي نفس التفاصيل تتكرر مع غيرك في حاضرهم، ولأن الأيام تعيد بعضها يجتاز تفكيرك الشعور التلقائي بالواجب نحو من هم يستحقون النصيحة منك وهم يمرون بنفس تجاربك؛ ولكن هيهات بين خلفيتك عن ما إخترقك من أذى في ماضيك وبين ما يواجهه غيرك من المعاصرين لنفس المشاكل.. فربما تعطي لعقلك الثقة المكتسبة من إتساع أُفقك بأنك أكثر حكمة من غيرك الذي يعيش حالة الإبهام في فورية إصطدامه بالفعل وخوفه من المجهول، فأنت لديك متسع النصيحة لغيرك دون إنتقاد ساخر لقلة خبرتهم حتى لا يكون لديهم إستهذاء لرأيك ولا مبالاة لخبرتك التي بالضرورة لن تكون نسخة مؤكدة من واقع غيرك حتى مع التشابه السطحي لنفس ملامح الأزمات.
الجمال الراقي أن تتأكد أن كل شئ مُستجد في حياتك يتقدمك بك إلى الأمام ولا يسحبك للوراء مهما كانت مستجدات حياتك عاصفة وغير ملائمة لهدوءك المُعتاد، فلتلتزم بقانون الفائقين في النجاح وتستخلص من كل موقف نتائج وأسباب لكي يظهر على حياتك التغيير المُثمر.. لأن الأمهر هو من يجعل له معجم لمفردات أيامه كي يلجأ إليه ويبحث فيه عن مفتاح أي لغز سيواجهه في المستقبل دون أن يراعي أي إهتمام بالشوائب التي تعكر صفو تفكيره بعقد صارمة تجعل منه طاقة تدمير، فالحياة سريعة ولا يوجد بها وقت يفتح مجال للأخطاء والتُراهات التي تنحدر بقدراتك الغالية في بعض العبث دون أن تستنفذ الرصيد المسموح لك في ريعان شبابك، لأن الحقيقة أنك كلما تقدمت في السن تخمد فيك شعلة الحيوية المُفعمة بطاقة الشباب وتتوهج فيك شعلة المثالية المُستوقدة من حقائق الحكمة حتى الكِبر.