الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

العبقري ستيف جوبز



ولد ستيف بول جوبز في الرابع والعشرين من فبراير 1955 بـ "غرين باي" في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ابن بالتبني لكل من بول وكلارا جوبز، والداه الحقيقيان هم جوان سيمسون وعبد الفتاح جندلي، من اصل سوري، والمولود في مدينة حمص ولديه اخت تدعى منى سيمبسون وهي روائية مشهورة التقى بها بعد سنوات طويلة بسبب تبنيها من قبل عائلة أخرى, التحق جوبز بالمدرسة فكان يدرس في فصل الشتاء ويذهب للعمل في الأجازة الصيفية، وشغف بالإلكترونيات منذ صغره فكان ولعاً بالتكنولوجيا وطريقة عمل الآلات، كانت أولى ابتكاراته وهو في المرحلة الثانوية وكانت عبارة عن شريحة إلكترونية، ونظراً لولعه بهذا المجال أتيحت له الفرصة من أجل التدرب في إحدى الأجازات الصيفية بشركة هوليت باكرد " HP " وهناك تعرف جوبز على المهندس الإلكتروني ستيفين وزنياك، واللذان سوف يحققا معاً خطوات هامة في عالم التكنولوجيا بعد ذلك.

تخرج جوبز من مدرسته الثانوية والتحق بجامعة ريد في بورتلاند بولاية أرغون، لكنه لم يحقق النجاح بالجامعة فرسب في عامه الأول وقرر ترك الدراسة، ولم يقف جوبز ساكناً بعد تركه للدراسة بل سعى لتنمية مهاراته في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، فقدم ورقة بأفكاره في مجال الإلكترونيات لشركة "أتاري" الأولى في صناعة ألعاب الفيديو وتمكن من الحصول على وظيفة بها كمصمم ألعاب، ثم ترك جوبز عمله لفترة سافر فيها للهند ثم ما لبث أن عاد مرة أخرى لمواصلة عمله بـ "أتاري". توفي عام 2011 في 5 اكتوبر/تشرين الأول بسرطان البنكرياس.


الثنائي الإلكتروني


عاد جوبز مرة أخرى ليلتقي ستيف وزنياك عام 1975 وذلك عندما انضم جوبز إلى "هومبرو كمبيوتر" – ناد لمطوري أجهزة الكمبيوترات الشخصية – والذي كان من بين أعضائه وزنياك، الذي مثل وجوده ولقاءه بجوبز شرارة البدء لثنائي إلكتروني سينطلق في عالم التكنولوجيا.
كان وزنياك قد اكتشف لعبة في معلبات طعام الأطفال " كاب أند كرانش" تنتج الرنات التي تستخدمها شركات الهواتف في الاتصالات بعيدة المدى، وبمساعدة جوبز تمكن وزنياك من صنع علبة صغيرة يتم استخدامها مع التليفون للاحتيال على الشركات وإجراء اتصالات بعيدة المدى، وعمل جوبز على الاستفادة من هذا الاختراع فقام ببيعه لعدد من طلاب المدارس ثم توقف بعد ذلك خوفًا من الملاحقة القانونية.

قرر الاثنان الانضمام معًا واقتحام عالم التكنولوجيا فترك وزنياك عمله كمهندس بشركة HP وانضم إلى جوبز من أجل جمع رأس مال صغير وتأسيس شركة تهتم بتكنولوجيا الكمبيوتر الشخصي، وبالفعل نجحا في عام 1976من إطلاق شركة "أبل" أو "التفاحة" وكان جوبز حينها في الحادية والعشرين من عمره وكان وزنياك يكبره بأربع سنوات، وتمكن الاثنان من تصميم أول نموذج للكمبيوتر الشخصي، وكانت الفكرة المسيطرة على جوبز هي دمج لوحة المفاتيح مع جهاز الكمبيوتر، وجاء الاختراع الأول لجوبز ووزنياك حاملاً اسم " أبل 1" ومشكلاً ثورة في مجال الكمبيوتر، وتمكنا من تحقيق ثروة معقولة كانت ثمار بيع 600 جهاز كمبيوتر.



تفاحة ستيف

انطلق جوبز ووزنياك في طريقهم لتطوير جهازهم الجديد فبعد "أبل 1" سعيا من اجل إنتاج كمبيوتر أخر أكثر تعقيدًا ولكن أسهل في الاستخدام، وقد جذب نجاحهم أعين المستثمرين ففي عام 1977 قرر الرئيس التنفيذي السابق لشركة "أنتل مايك ماركولا" الاستثمار في "أبل" وأصبح رئيس مجلس إداراتها هذا بالإضافة لعدد من المستثمرين الآخرين، جاء "أبل 2" بعد ذلك ليشهد انطلاقة قوية في مجال الكمبيوتر الشخصي ويكتسح السوق الأمريكي بما يتضمنه من تكنولوجيا متقدمة وبرامج عالية الجودة، تمكن جوبز من تسويق منتجه الجديد فباع مئات الأجهزة.
لم يتمكن لوزنياك من الاستمرار في تحقيق حلمه حيث تعرض لحادث طائرة، خرج منه بإصابات بالغة لم يتمكن من الاستمرار بسببها فقرر التفرغ لحياته ومشاريعه الاجتماعية وتدريس الكمبيوتر في مكتبه بكاليفورنيا.

صعودًا وهبوطًا

صعدت أسهم "أبل" سريعًا إلى القمة ففي عام 1980 وبعد طرحها لأسهمها في اكتتاب عام أولي بسعر 22 دولار للسهم، قفزت لتصبح 29 دولار وأصبحت قيمة " أبل " السوقية تقدر بـ 1.2 مليار دولار، وكان جوبز مساهم رئيسي بالشركة بحصة تقدر بـ 15% من الأسهم.
استمر جوبز في سعيه من أجل التطور وابتكار التكنولوجيا، فأنتجت الشركة "أبل 3" ولكن لم يكتب له النجاح فتم استعادة الكمية الأولى منه من السوق، بسبب بعض العيوب التقنية به.
وبما أن لكل تكنولوجيا منافسيها قامت شركة "IBM " بإنتاج الكمبيوتر الشخصي وبالفعل أصبحت بمنتجها منافس قوي لشركة جوبز، والذي قام بدوره بشن حملة شرسة من أجل المحافظة على موقعه في سوق التكنولوجيا.
في عام 1982 سعى جوبز من اجل إقناع جون سكولي من شركة "بيبسي" ليكون المدير التنفيذي لـ "أبل" وتم طرح جهاز جديد في السوق باسم "ليزا" وعلى الرغم من التقنية العالية لهذا الجهاز إلا أنه عانى من الفشل نظراً لسعره المرتفع، عقب ذلك سارع جوبز من أجل تطوير جهاز "ليزا" فتم استخدام نفس التكنولوجيا ولكن بصورة أبسط وجاء عام 1984 ليشهد انطلاقة أول كمبيوتر "ماكنتوش" والذي غزا السوق بقوة وحقق الكثير من النجاح.
قرر جوبز عام 1985 أن يترك العمل بمؤسسة "أبل" الذي يرجع له الفضل في تأسيسها، وقام ببيع كامل حصته بها، ولم يقف جوبز عند هذا الحد بل سعى من اجل إنشاء شركة أخرى أسماها "نكست ستيب" وقد شارك في تمويل هذه الشركة الجديدة كبار رجال الأعمال والتكنولوجيا مثل الملياردير روس بيرو وغيره.
في عام 1989 قام جوبز بإنتاج أول كمبيوتر يحمل اسم "نكست" والذي على الرغم من تفوقه التقني إلا أنه لم يكتب له النجاح تجاريًا نظرًا لارتفاع سعره.
تعرض مصنع جوبز الجديد المسمى "نكست" للخسائر المتتالية مما جعله يغلقه في فبراير 1993، وتوقف عن تصنيع الكمبيوترات مكتفياً بالبرامج.



العودة لـ " أبل"
ستيف جوبز دير [مكوورلد في سان فرانسيسكو 2005
لم تتمكن " أبل " من تحقيق الثبات فأخذت في الانهيار سريعاً وتقلصت حصتها في السوق بشكل كبير، وتنقلت من مدير إلى أخر حتى استقرت رئاسة مجلس الإدارة مع جيلبرت أميليو والذي لم يجد طوق للنجاة ينقذ به الشركة من الانهيار سوى ستيف جوبز، والذي قام أميليو بدعوته للانضمام لمجس إدارة "أبل" كمستشار لها عام 1995.
وفي هذا العام تمكنت شركة جوبز "نكست " من تحقيق أرباحا بعد تأرجحها صعوداً وهبوطاً، وبدأ تعاون مع قطبي التكنولوجيا بيل جيتس – الرئيس السابق لمايكروسوفت- وستيف جوبز لتصميم برنامج "ويندوز إن تي".
في ديسمبر 1995 قامت شركة "أبل" بشراء شركة "نكست" بـ 400 مليون دولار، وتم تعين ستيف جوبز رئيساً تنفيذياً مؤقتاً لـ "أبل" عام 1997 براتب قدره دولار واحد سنوياً مما أدخله في مجموعة جينيس للأرقام القياسية كأقل الرؤساء التنفيذيين تقاضيا للراتب في العالم.
وبعد أن أطلق جوبز كمبيوتر " I mac " عادت شركة "أبل" مرة أخرى لتلتقط أنفاسها وتستعيد مكانتها في سوق الكمبيوترات الشخصية مرة أخرى، وفي يناير 2000 أصبح جوبز رئيساً تنفيذياً دائماً للشركة، ومالكاً لـ 30 مليون سهم منها، وصعدت أرباحها سريعًا.



مرحلة ثانية انتقل إليها جوبز حيث قرر اختراق عالم الكارتون ولم يبتعد كثيراً عن التكنولوجيا في ذلك بل وظفها من اجل إضافة المزيد من الإبهار والروعة عليه، ففي عام 1986 قام بشراء أستديو للرسوم المتحركة من جورج لوكاس ودفع في هذه الصفقة 10 مليون دولار فأصبح الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة لها، وقام بالإبداع في هذا المجال الجديد فدمج الرسوم المتحركة مع تكنولوجيا الكمبيوتر الحديثة، وحقق الكثير من النجاح ففازت شركة "بيكسار" عام 1988 بجائزة الأوسكار عن فيلمها القصير "تين توي(Tin Toy)" المنفذ بالكامل على الكمبيوتر.

وجاء جوبز بتكنولوجيته لينقل الرسوم المتحركة من الشكل التقليدي لها إلى شكل جديد ليحقق المزيد من الإبهار، وتوالت الأعمال التي أنتجتها "بيكسار" ووالت ديزني فأصدرت فيلم Toy Story عام 1995 والذي حقق إيرادات ضخمة، وبعده A Bug's Life، Toy Story 2، Monsters, Inc، Finding Nemo، The Incredibles وغيرها العديد من الأفلام المميزة.

وقد تألقت وازدهرت شركة "بيكسار" بأفلامها المميزة وطرحت الشركة في اكتتاب في نوفمبر عام 1995 وبيعت أسهمها بـ 22 دولار للسهم صعدت سريعاً إلى 39 دولار، أمتلك جوبز فقط دولار ونصف لكل سهم منها وأصبح ملياردير، كما يمتلك جوبز حصة كبيرة في شركة والت ديزني.

متاجر "أبل"
سعى جوبز من اجل افتتاح سلسلة متاجر لبيع منتجات "أبل" وعلى الرغم من التخوف من فتح محلات لتسويق منتجات الشركات نظرًا لكون المتاجر من هذا النوع لا تجني أرباح وتشتت الذهن عن التركيز في تنمية العمل، إلا أن جاءت محلات "أبل" عبارة عن متحف يضم أروع ما صنعته "أبل"، كما حرص جوبز على أن ينال كل مشتري قدر كبير من الرفاهية والتميز أثناء وبعد الشراء، وكان من المعتاد في سوق الكمبيوتر الأمريكية أن يقوم العميل بطلب الجهاز أو ما يود شراءه ثم يصل إليه بعدها بفترة مثل ما كان متبع في شركة "دل"، إلا أن جوبز قرر تغيير ذلك أيضًا وأن يأخذ العميل طلبه مجرد أن يطلبه وقال في ذلك " عندما أشتري شيئا وأعود به إلى أولادي في البيت، فإني أريد أن أحصل أنا بنفسي على نظرة الفرحة على وجوه أولادي، لا عامل التسليم"، وقد نجحت محلات "أبل" في تسويق منتجاتها وزيادة مبيعاتها وتحقيق أرباح استثنائية.

ابتكارات جوبز
عقلية مثل جوبز لا تتوقف عند حد معين بل تسعى دائمًا من اجل البحث عن الجديد في التكنولوجيا، ومن الابتكارات التي يرجع الفضل فيها لجوبز هو ما قدمه عام 2001 وهو جهاز " الأي بود" أو جهاز الموسيقى المحمول الذي يقوم بتحميل الأغاني من نوع MP3، وحقق هذا المنتج انتشار هائل في جميع الأسواق العالمية، وبفكر جوبز التسويقي المميز تمكن من إقناع معظم شركات الأغاني بمنحه حقوق تسويق أغانيها على الإنترنت، واستكمالاً لابتكاراته قدم جوبز برنامج " أي تونز" وهو برنامج موسيقي رقمي يبيع الأغاني ويحملها على "الأي بود" عبر الإنترنت.

عندما سئل جوبز ذات مرة عن سر الأفكار الخيالية التي تتمتع بها آبل قال "إن من يعمل في الشركة ليسوا فقط مبرمجين بل رسامين وشعراء ومصممين ينظرون للمنتج من زوايا مختلفة لينتجوا في النهاية ما ترونه أمام أعينكم".
ومن كلام جوبز السابق يظهر لنا السر وراء هذا النجاح المبهر الذي وصل إليه ووصلت إليه شركته "أبل".

الاستقالةقدم ستيف جوبز استقالته من منصبه كمدير تنفيذي في أغسطس 2011 عن عمر يناهز 56 عاماً. وقال في رسالته التي أرسلها لمجلس إدارة الشركة:
«كنت أقول دائماً بأن لو حدث وأتى يوم لم أعد فيه أهلاً للواجبات والتوقعات التي تقع على كاهلي كمدير تنفيذي لأبل، سأكون أول من يعلمكم بذلك. مع الأسف، هذا اليوم قد حل. وامتثالاً لهذا الالتزام، ها أنا أقدم استقالتي من منصب المدير التنفيذي في أبل. وأحب أن أخدم، إن رأى المجلس ذلك ملائماً، كرئيس للمجلس، مدير وموظف لصالح أبل. وحيث ما ذهبتم في مسألة من سيعقبني، فأوصي بقوة بإتمام خططنا للخلافة والقيام بوضع تيم كوك في هذا المنصب. أؤمن بأن أكثر أيام أبل إبتكاراً وإشراقاً لا زالت أمامها. وأتطلع لمشاهدتها والمساهمة في نجاحها من منصب جديد. لقد صنعت أفضل صداقات حياتي في أبل، وأشكرهم جميعاً على كل تلك السنين الكثيرة التي كنا قادرين فيها على العمل معاً» – ستيف جوبز.
يذكر أن ستيف جوبز كان في إجازة مرضية قبل تقديم استقالته منذ يناير 2011 حيث خضع لعملية زرع كبد. وكان قد نجا من مرض السرطان عام 2004.



وفاته
بيان شركة آبل على وفاة ستيف جوبز على الصفحة الأولى لموقع الشركة
في منتصف عام 2004، أعلن جوبز لموظفيه أنه قد تم تشخيص حالته بأنه مصاب بورم سرطاني في البنكرياس ومستقبل هذا المرض عادة ما يكون سيئاً للغاية؛ جوبز ومع ذلك، ذكر أن لديه نوعًا نادرًا من سرطان البنكرياس، أقل عدوانية. وبعد رفضه فكرة التدخل الطبي التقليدي والشروع في اتباع نظام غذائي خاص لاحباط هذا المرض. قرر ستيف استئصال البنكرياس و الإثناعشري (أو "إجراء يبل") في يوليو 2004 في عملية تكللت بالنجاح. على ما يبدو لم يتعالج ستيف بالعلاج الكيمائي أو الإشعاعي. وفي فترة غياب " جوبز "،أدار الشركة مدير المبيعات والعمليات حول لعالم في أبل، تيمثوي دي دوك.On
في 5 أكتوبر 2011 أصدرت أسرته بياناً تقول "اليوم، ستيف جوبز مات بسلام."

صدر بيان منفصل (آبل) قائلا ان توفى "نحن نشعر بحزن عميق ليعلن أن ستيف جوبز وافته المنية اليوم. ستيف تألق، والعاطفة والطاقة كانت مصدرا للابتكارات لا تعد ولا تحصى التي تثري وتحسين حياتنا جميعا، والعالم هو أفضل بما لا يقاس بسبب ستيف. حب أعظم إنجازاته كان لبلده الزوجة ، لورين، وعائلته. قلوبنا عليهم وعلى جميع الذين كانوا لمسها من قبل مواهبه الاستثنائية ".