مضمون شخصية الإنسان يكمن في كل ما تعرض له من خبرات متلقية ومكتسبة من الغير، فكل منا يكون مثل صفحة بيضاء عند ولادته والوالدان هم أول من يكتب في هذه الصفحة السطور الأولى..وكلما كبر الإنسان في السن كلما استقل عن والديه وإبتعد عن نطاق حياته المحدود في حضن أسرته؛فما يراه الشخص من تعقيدات في مجتمعه وما يتلقاه من طعنات الحياة يجعل الدافع الأول في عقله هو البقاء للإستمرار والتصلب أمام كل المصائب التي يمكن أن تهدم شئ من كيانه..بالضرورة إلى أن لا يترك نقاط ضعف تجعل منه مركز إستهانة أمام خصومه ومن يسعون لسرقة أحلامه.
الشاغل في عقل الأغلب منا هو أننا ننقب في الغرباء أو من نتقرب منهم ونبحث في ملامح شخصيتهم عن الحقيقة الكاملة ولكن أيان فرق بين الصفات الظاهرية والباطنية،فكل ما ينتج من ردود أفعال عن أي شخص أمامنا لا تكون بمقتضى الشخصية الكاملة ولكن يوجد وراء الظاهر من الأمور سمات أخرى ترتسم في العقل الباطن لدى الإنسان.
الدهاء الكامل في عقل كل منا نسخره كله من أجل الحفاظ على واجهتنا العامة والشخصية أمام الناس وأمام أنفسنا..وأنت إن رأيت غموض في شخص ما تتعامل معه ليس بالضرورة أن يكون بسبب إخفاءه بعض الحقائق في إظهار كيانه أمامك،ولكن يكون هذا الغموض العفوي على غرار الطبيعة التي خلقنا عليا الرحمن الذي أنعم علينا بنعمة النسيان؛لأن الإنسان لا يستطيع أن ينسى شقاءه وإبتلاءه بضرره لنفسه والآخرين قبل أن يسامح نفسه لكي لا يخسر ذاته النقية،الشئ المخلوق بداخلنا كمنبه يعطينا الإنذار عندما تطرق نفسنا باب الخطأ الجالب للخطر الذي يمكن أن يخسره أمان الخير..فلا تطمع أن تعرف حقيقة أحد كاملة لأنك يجب أن تكون واثق أنه نفسه لا يعرفها.
لقد خلق الخالق في كل منا نقيصة لكي نتكامل بإتحادنا سويا..فيجب أن نعترف أمام أنفسنا أن الناس مهما كان بهم عيوب وضغائن لايمكن الإستغناء عنهم بشكل كامل، ولكن المهارة في أن نخرج الخير فيهم من الشر لكي نكسب تحالف الخير معنا..فلماذا لا يفكر كل منا في أن يكون فريق ضد الشيطان لإنماء الخير وتحقيق الهدف الرباني التي خلقت من أجله البشرية،فالتحذير الأقوى الموجه لكل نفس شيطانية في هذا العالم التي تسعى الى الهيمنة على غيرها بدوافع سادية غير إنسانية.