الأحد، 25 أغسطس 2013

جدول زمني



الإلتزام هو أرقى المناهج التي تجعلك متربع على عرش الريادة في كل شئ ترغب تحقيقه؛ إن كان لديك دافع البقاء من أجل إعلان رسالة سامية تعلي من شأن الآخرين وتعلي قدرك في أعينهم.. أجمل حقيقة تفخر بمعرفتها أمام نفسك قبل الناس هي معرفتك للسبب الذي خلقت من أجله، فلا جدال أن لكل إنسان على وجه الأرض مهام محددة مكلف بها لتحقيق إرادة الله-عزوجل- بين الناس ولتجعل لحياته قيمة ومعنى يحقق به سعادته، كلنا منذ ميلادنا ولدينا رغبة في تجربة كل شئ من حولنا لكي نستكشف العالم من حولنا ونكتشف أصول كل موهبة موضوعة بداخلنا؛ فلا يمكن أن تجد شخص يشتري جهاز إعجاباً بشكله دون أن يعرف طبيعة إستخدامه، وأيضاً هناك الكثير منا يولد ويعيش ويموت وهو لم يكتشف الإمكانيات التي خلقها الله-عزوجل- بداخله والتي كان بدورها تجعل حياته أفضل بمراحل إن إكتشفها في الوقت المناسب، وكثيراً منا بعد تفكير طويل مرهق ينتظر اللحظة التي يقول بها أنه قد أفاق من ما أجهد به نفسه في كثير من الأفعال المتهورة؛ فلما ننتظر جميعاً هذه اللحظة كي نبدأ صفحة بيضاء في كتاب حياتنا دون أن نسعى لكي نسرع في تصفح وقراءة الصفحات السابقة من ماضي حياتنا كي نبدأ الصفحة الجديدة بتلهف من الأمل والتشجيع لأنفسنا!!


 الزمن هو صاحب الأهمية العليا في حياتنا بلا منافس له لإنه النعمة المحسوبة علينا ولنا..فكيف لانعطيه قيمته الحقيقية إلا عندما نشعر بقرب نفاذه في تصارعنا مع بدل الوقت الضائع لإنجاز ما قد يفوتنا في تخازلنا تحت مظلة الكسل، ألا تستحق منا حياتنا التي ستنتهي دون سابق إنذار ان نسعى لنلحق بها ما يفوتنا قبل الندم الحارق.. فكل يوم تستيقذ فيه ينزل عليك ملك الرزق ميكائل بأمر الله-عزوجل- ليعطيك الرزق المكتوب لك لكي يبدأ يومك ببركة الرحمن، فما بال أناس يستيقذون في نهاية اليوم دون عمل أو تفاؤل فكيف لهم يستمرون بهذا النمط الراكد في حياتهم! فما المانع ان تقوم بتنظيم جدول زمني من أولويات حياتك حسب أهمياتها حتى تضع أهدافك موضع التنفيذ، تجعل من كل أمل لك هدف قصير المدى ويكون خاضع لخطة تحددها بنفسك على خطوات متتالية.. الترتيب لحياتك أنت أول المستفيدين منه خاصة وإن كنت بحاجة إلى إبعاد كثير من الإزعاج الذي يتسبب فيه الكثيرين من حولك وهم لا يمثلون لك أي أهمية، وهذا يجعلك تتجاهل كل ما يمثل عقبة في طريقك خاصة وإن كان أولى لك أن تركز إهتماماتك على تدعيم قدراتك بالعمل والإجتهاد.

القرار السليم ليس بسهل إن كنت لا تضمن سلامته بعد إتخاذه وأنك لن تندم بعده؛ ولهاذا فإن القرارات الجزرية في حياتك تمثل منعطفات هامة تنقلك إلى طريق مختلف في التفكير والإتجاه.. فمن المؤكد أنك قد كان جدول زمني في أي سنة من عمرك وكنت تنوي أن لن يمر الوقت إلا وأنت قاطع القرار الحاسم نحو شئ تريد أن تتخذه أو شئ ترغب في التخلص منه، مؤكد أن مر بك الزمن على مرحلة كنت ترغب فيها بأن تجرب شئ غريب عنك وأنت لا تعرف إن كان صح أو خطأ؛ وأيضاً مر عليك الجدول الزمني على رجوعك عن ما قررته بعد أن خضت التجربة وعلمت أشياء كثيرة لم تكن تدركها وعرفت طبيعة أشخاص لم تكن واثق من حقيقتهم؛ ولكنك إخترت أن تخوض التجربة وهذا أكبر سبب يمنعك من الندم على مافاتك لإن معرفة الحقيقة تستحق منك أن تدفع أي ثمن.. ولكن يجب عليك أن لا تضيع من وقتك الكثير وأنت غير واثق من قدرتك على دفع الثمن الذي يستحق معرفة الحقيقة؛ كثير منا يقرر أن يقترب من شخص وهو لا يعلم ما الهدف من معرفتك به إلا وإنك تشعر بإنجذاب لدى غموضه عنك وإختباءه وراء الواجهات الإجتماعية.. مما يدفعك أن تبدأ رحلة بحث في شخصيته وعندما تدرك حقيقته سواء ان كانت رفيعة أو حقيرة فسرعان ما يرتوي تعطشك من رحلة البحث، فكلنا نتشوق نحو كل ما هو بعيد وغريب.

الحياة قد تكون مأساء إن تركت قلبك يتوه في تشعبات غير مستقرة تأخذك إلى متاهة لن تستطيع أن تخرج منها، لماذا تستسلم بسهولة نحو أي رغبة طائشة تضيع منك قدراتك وتعطل جدولك الزمني الذي يتقرر لك أن تستجمع قواك لكي تحقق ماتتمناه.. فلا يجب أن تترك أفكارك ومشاعرك تعمل ضدك خاصةً وإن كان يراودك قربك أن ترجع عن قرار سليم قد إتخذته وإنتقلت بعده لمرحلة أفضل؛ إن كان الأمر بيدك لكنت إخترت أن تمحو ذاكرتك بعد كل موقف عصيب عيشته ولكن عندما تأخذ برهة من جدولك الزمني لتمعن التفكير ستجد أن أي موقف عصيب مررت به خلق منك إنسان مختلف، والفيصل في هذا الإختلاف هو طريقة إستيعابك للدرس الذي أخذته من ما مررت به حتى خرجت من أزمتك؛ وتنسى وتسير في الطريق الذي إستجد عليك وإخترته بعد إنطباعاتك عن مامررت به من أحداث الماضي، ولكن الحمل يزداد عليك عندما تتأثر سلبياً بأي مشكلة تعرضت لها وتتكون عندك عقدة تؤثر على تفكيرك وتجعل من شخص آخر غريب.. الغرابة حقاً تكمن في أنك قد تبدأ في تعميم نتائج تجربتك على نطاق أوسع في كل شئ تقابله مستقبلاً ويذكرك بأي لقطة سريعة في ذاكرتك من تجاربك السابقة، فلم قد تظن أن كل الأصدقاء غدارين لأنك صادفت صديق غدر بك ولم تكن على إحطيات من غدره، ولم تقرر ان كل التجار نصابين لأنك تعاملت مسبقاً مع تاجر سرقك وباع لك الهواء في أكياس وأنت لم تتقن التعامل معه لكي تكشف نواياه؛ فكثيراً من التجارب التي تذيقك مرارة الندم ولكن لابد لك أن لا تظلم نفسك ولا تظلم قطاع كبير من الناس مادمت إستفدت مما أصابك يستحيل أن تلدغ من نفس نوعية الناس بعد أن تعلمت، خاصةً وأنك لم ولن تتعرف إلى كل صنوف البشر لكي تصدر حكم عام عليهم وتكون صاحب شوائب تركت فيك عقدة في تفكيرك، فكثير منا ينظر بعمق في أيام حياته منذ ولادته وحتى اللحظة التي يعيشها الآن ويسترجع المهام التي حققها والأزمات التي مر بها.. فيرى دعم الله-عزوجل- له في كل حالاته حتى وإن كان مخطئاً يساعده ربه ما دام يستعين به؛ وإن أمعنا النظر لوجدنا حياتنا مقسمة على جدول قد كتبه الرحمن عليا لي نملأ خاناته بأيام حياتنا التي يحكمها الزمن.. والأحق لنا أن نأخذ حقنا من حياتنا دون ضياع للوقت وتلاشي للفرص من أمام أعينا، لكي يأتي علينا جدولنا الزمني في خانة الحسرة ونقول ياليتنا كنا أكثر حرصاً على كل يوم عيشناه وأعطيناه حقه وإستغلينا كل برهة هدوء في تفكير نقي، وكل زحام للتصارع في التقدم والنجاح مع تقديم أقصى إجتهاد يعطينا أعظم النتائج نفخر بها ونشعر بها أننا حقاً نترك آثارنا على قيد الحياة.
--