السبت، 20 سبتمبر 2014

تحتاجون لي لأني أحتاج إلى خالقي

  جمال الحياة من صنع صانع الجمال فهو لا يترك أي تفاصيل بدون علم منه لأنه الله-عزوجل- ويبدو أن الكلام قد انتهى عند هذه الجملة ولكن لابد من تفسير بعض الأمور التي نحتاجها لنزداد في عشقنا لخالقنا العظيم الجبار، فإن حاول أحد منا محاولة فاشلة أن يجد أي شئ سواء قديم أو مستحدث لا يعود إلى سيطرة الله-عزوجل- فسيجد أن كل إنسان وكل آلة وكل معجزة وكل إبتلاء وكل حرب وكل فرح وكل حزن وكل خير وكل شر يعود بالأسباب إلى حكمة من عند العليم الخبير وحده لا شريك له، ولكن يأتي هنا سؤال في غاية الأهمية وهو لماذا خلق الله-عزوجل- الشر قبل أن يخلق الشيطان إبليس ذاته؟ فالحكمة من خلق نقيض الشئ هو إظهار الشئ ذاته بمعنى أن الشيطان هو الذي اختار التحدي الخاسر أمام رب العالمين لأنه تمرد على طبيعة الكون في الإستسلام التام لأوامر الله-عزوجل- في عبودية خالصة، ولذلك فإن الشر إختيار وليس قدر لأن الخير هو أمام الشر وكل مخلوق يعيش كل لحظة أمام الإختيار للخير والشر ولكي يكون في طريق الرحمن أو طريق الشيطان.. والأزكياء فقط هم من يختارون إرضاء الله-عزوجل- لأن لا مفر منه إلا إليه ولذلك قال العالم د.إبراهيم الفقي لولا وجود عكس المعنى لما كان للمعنى معنى..وبالتبعية نستطيع القول أن الأغبياء هم من يختارون الشر وليس بالضرورة الشر الذي يصل لمحاربة الله-معاذالله- ولكن الشر في الأفكار أو الكلام أو التعامل أو ردود الأفعال ففي كل منا داخل نفوسنا نسبة شر وكلما نجحنا في تضائل هذه النسبة أصبحنا نستمتع أكثر بالحياة الخيرة وبضمان نهاية قدرية رائعة في رحمة الرحمن يوم القيامة.


   كل منا يتحدث إلى نفسه لأن الحديث إلى النفس سواء بصمت داخلي أو بصوت مسموع هو أمر في منتهى الخطورة ويستدرج كل منا إلى الميل لجانب من الخير أو جانب من الشر ثم التخطيط للوسيلة ثم القدوم على الفعل ثم التنفيذ.. ومن بعد ذلك يأتي دور الضمير سواء بالتأنيب على ما قدمت يديك في الشر أو الفخر والتشجيع في الإستمرار، فما أجمل أن يشعر الإنسان أن إختياره كان هو الصواب وبالنقيض التعاسة حق السوء أن يشعر الإنسان أن إختياراته المقيتة تسحبه في مستنقع من الشر.. فمن يختار الخير ويراقب الله-عزوجل- في كل تصرفاته لا يحتاج لأحد سوى ربه الذي أعطاه كل ما لايستطيع إحصاءه من نعم وقدرات تمكنه من إثبات وجوديته في هذا العالم ولذلك فاللجوء إلى مسبب الأسباب يعطي قوة في الإستغناء عن أي شخص عادي فالتذلل لشخص مهما كانت مكانته أو سلطته أمر لا يتقبله عقل خاصة وإن كانت كل عصور العبودية قد انتهت بفضل الله-عزوجل- ومن يعطي عبوديته حق العبادة يعطي كل منا الشعور بالقوة وعدم الفتنة بالأسباب لأننا نترك أقدارنا وأنصبتنا تحت تصرف من هو فوق الأسباب وفوق القوانين.


  المشاكل والمصاعب هي توابل الحياة فكل منا عندما يجتاز أزمة عابرة مهما كانت آثارها السلبية يدرك أن معدنه الإنساني ليس بالسهل لكي تكسره اي أزمة ويضحك بسخرية على كل ما كان يدخل الشجن إلى قلبه وكأنه كان يظن أن هذه الأزمة تنتهي عندها الحياة..فالإستقرار الدائم شئ غير مضمون ما دمنا على طريق الحياة الملئ بالمطبات التي تشد عضدنا كلما مررنا بها وإجتازناها، والحقيقة الثابتة دائما هي أن صاحب كل أمر ومجيب الدعاء هو القادر على كل شئ وليس لنا رب سواه فهو عندما يبتلينا يراقب إختيارنا للخير الصعب أو للشر السهل وحسب ما نستحق يرزقنا في الدنيا ويعلي مكانتنا في الآخرة لأنه عادل ورحيم..ولا شك أن المستقبل هو أكثر شئ مجهول يخيفنا وكل منا يريد أن يضمن مصيره إلى أن يموت ولكن لا ضامن وحيد إلا أن يكون الإنسان يتتبع خطى الخير في كل يوم يستيقذ فيه ويتفاءل بكل ما يصادفه في كل لحظة يعيشها ويطمئن لما هو يربطه بمبادئه وأخلاقه، لأن من الخلل النفسي أن يتبدل الإنسان حسب أهواء الآخرين لكي يكون لعبة سهلة التحكم في أيديهم وبالتالي لن تكون عبوديته خالصة لله وحده لاشريك له، فالشرك والعياذبالله ليس بعبادة الأصنام أو بعبادة أحد من دون الله-عزوجل- بل هي بتساوي التقدير والرهبة لأشياء وأناس آخرين مع عظمة الله-عزوجل الذي لا يقارن به أحد فلابد لكل منا ان يستسلم إستسلام تام لملكوت الرحمن التي وسعت رحمته كل شئ علماً، فما الضرر في أن تجعل الدعاء إلى الله-عزوجل- وقت العسر قبل وقت اليسر هو أفضل علاج نفسي لك كي تستفيض بكل جوارحك في الإفصاح عن كل أسرارك ومضايقاتك ومشاكلك للتحدث مع الله-عزوجل- فمن غيره يستحق أن تتجرد له من كل الضوابط واللوازم والحدود التي تنطلق منها إلى آفاق السماء في رفع يديك للتوسل إلى من هو أقرب إليك من حبل الوريد وأرحم بك من رحم أمك عليك، وبالتلقائي ستجد هذه القوة تدعمك في كل تعاملاتك مع الأخيار أو الأشرار من الناس فأنت ستحمل بعقلك كل ما هو يجعلك في تمجيد دائم لله-عزوجل- وبالتالي ستجد هذا الإيمان يستقطب كل الناس نحوك لأنك لا تحتاج إليهم في مستوى إحتياجك لله خالق العظمة، فبحبك وإخلاصك لعبادتك ستجد في الدنيا حب وإخلاص كل من يهتم لأمرك ويتقرب إليك لأنك مصدر للخير ومحارب للشر.