مؤامرة مريبة غير مفهومة عندما نتوه عن مبادئنا بعض الشئ؛ حينما يتحالف شيطاننا مع نفسنا في الإلحاح على عقلنا للإيقاع بنا في مغرس المعصية.. هنا تبدأ وساوس النفس لكي تذكرنا بإحتياجاتنا النفسية والمادية لهذه المعصية لكي تفتح لنا باب الإقناع الذي يبدأ بتعزيز عدة مبررات تسهل علينا نسيان بعض الأخلاق التي تفيقنا من غيابة المعصية، في البداية يتطرق إليك أنك لست الوحيد الذي يقوم بهذا الذنب وأن يوجد الكثيرين غيرك فتبدأ أن تقترب من أناس تكون واثق من أن إنذار الضمير لديهم ضعيف لكي لا يسمعوك بعض المثاليات التي ترهق نفسك.
الغرابة تكمن في أنك تكون في مراوغة مع الشيطان وتكون في حالة كر و فر تقترب بأفكارك إلى رغبتك في المعصية خاصة وإن كانت مصاحبة للذة في داخلك؛ وتتراجع في خوف من إنسحابك إلى ما يمكن أن تندم عليه لأنك ستطبع على صورتك وصمة لن تزول دون أن تترك أثر.. وعشمك الغامر بأنك ستتوب بعد أن ترتكب هذه الخطيئة هذا مجرد ظلمة تدخل فيها بقدميك لكي تحتال على نفسك، ولكن التوبة أصعب مما يتخيله العاصي لأن الشيطان الذي يقوم بجرك من روحك الخيرة الى روح قاسية على نفسك قبل أن تكون قاسية على الناس لن يتركك بسهولة لكي ترجع إلى طريق الصواب.
غرورك بأنك ستكون سليم القلب مهما فعلت من أخطاء لأن ذنوبك صغيرة بالنسبة لكبائر الآخرين سيسحبك إلى الكبائر التي تستبعدها عن نفسك، فيجب أن تفرض على نفسك عدم الثقة في شيطانك ولو لبرهة قصيرة مهما وثقت في نفسك لأن هذا الشيطان الحقير أقسم لله-عزوجل- حينما قال:"وبعزتك وجلالك لأدخنهم جهنم أجمعين إلا عبادك منهم المتقين" والتقوى ليست أن تجد لنفسك الفرص التي تتخذ فيها أمام الناس مكانة المصلح الإجتماعي الذي يشرع ويحكم بين الناس، بل يجب أن تجد في نفسك القوة التي تجعل لديك السلطة على نفسك بأن تجاهد نفسك ضد ما تحاول إغواءك به لتتبع آفات ذنوبك وتكون ذليل لوساوس الشيطان؛ فكثير منا يتحدث بلسان الطهارة الذي يفرز كل المبادئ الأخلاقية التي تربى عليها منذ الصغر أمام أناس يكونوا محط إحترام لديك، وليس من العيب أن تتبرأ من أي فعل مشين إقترفته من قبل بل الأفضل أن لا تذكره مطلقاً.. فحياتك تكون مثل شريط الفيديو الذي لا يمكن أن تتركه على طبيعة تصويره بما فيه من أخطاء حيث قيامك بعملية المونتاج لجميع التجارب والمواقف التي لم ترغب في أن تبقى في ماضيك يساعدك على تحسن حاضرك ومستقبلك، ولايمكن لعاقل أن يتحدث عن مساوء حياته سواء بالسر أو بالجهر وكأن الحياء في قلبه قد مات مع ذنوبه؛ بل أن منظار السخرية يكون بالفعل عندما نجد أب أو أم يرويان أمام أبنائهم زكريات معاصيهم في مقتبل الشباب وهم مبتسمين وكأنهم يلقنوهم الذنوب التي يجب أن تتكرر مع الأجيال المقبلة..
نجد بعض الناس يربطون الوفاء في الحب بين الأزواج والمحبين بأن فرض على كل منهم أن يسجل إعترافاته في جلسة إستجواب أمام شريك حياته؛ فما الفائدة من التحدث عن الماضي؟ وما الذي سيتغير حين يستمع كل منهم إلى أخطاء الأخر؟ وإن كان كل منهم يكن الحب والإحترام الحقيقي للطرف الثاني فما سبب الإستجواب الذي يهدم قلعة الأمان؟ فالمعصية والتوبة هي مستحق لحساب الله-عزوجل- بل الضروري هو البحث عن أوجه الشبه في الأفعال والمبادئ بين المحبين أو الأصدقاء أو المقربين لأن الله-عزوجل- قال:"الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات"، فمن الخطر أن تتزوج فتاه عزراء من زاني أو تتزوج سارقة من رجل أمين أو يتزوج عاق لوالديه من فتاة أصيلة البر بوالديها، وهذه المعالم يكشفها الله-عزوجل- في علاقات الناس مهما أتقنوا التحايل لأن هذا عهد الله-عزوجل- لعباده فلنثق بخالقنا حتى نثق بالناس.
خروج الروح من الجسد أمر مؤلم ولكن هل لنا أن نتخيل ألم دخول الروح إلى الجسد مرة أخرى بعد خروجها؛ فعندما يدخل الشيطان الشك إلى عقولنا ونسأل أنفسنا كيف لله-عزوجل- أن يرهقنا بشهوات أنفسنا من المال والسلطة والشهرة والجمال ويحاسبنا على ماخلقه فينا؟ فالحقيقة التي يحرص الشيطان على أن يغلق أعيننا عنها هي أن الله-عزوجل- يدخلنا في المواقف الصعبة التي تجعلنا في الحيرة من أمرنا وتظهر فينا معدن روحنا إن كنا سنغلب الشر بداخلنا وننصر حق الخير من أجل خالقنا..فلا يمكن أن نكون آلة تتلقى الأوامر دون أن تكون لدينا حرية الإختيار التي تصنع نهايتنا التي نسير في الطريق إليها، وهذا بالتأكيد أكبر مبرر لهبة العقل لدينا لكي نعلم أن الله-عزوجل- كتب علينا حياتنا قبل خلقنا ولكن من السفه والغباء أن نتخيل أن الله-عزوجل- يريد أن نقوم بالمعاصي بل يريد أن يضعنا في الإبتلاءات التي تسبب دخولنا الجنة أو النار.. فالأستاذ يعلم جيداً مستوى كل تلميذ لديه؛ ولكن الإمتحان يظهر ما يسعه الطالب نفسه أن يفعله حتى يستحق النجاح وليس لكي يعرف أستاذه أنه متفوق.. ولله المثل الأعلى؛ فيجب أن تعاونك قوتك لكي تكسب رهان الخير أمام الشيطان.