الأمان مملوك قبل كونه موهوب
الأمان مطمع كل إنسان ومصدر حفاظه على حياته ومفتاح الراحة بين الناس،فهو متعدد المجالات ومختلط بكثير من الشوائب التي تنقص من طبيعته وتجعل الخوف يسوده..لذلك يعد من أكبر النعم التي رزقنا الله -عزوجل- إياها؛بالرغم من أنه ينبع من القلب إلا أنه يقاس بالعقل ويخضع لقاعدة "فاقد الشئ لا يعطيه" ، ولذلك لا ترهق بالك بأن تطلب الأمان من شخص يخون كل الناس ولا يأمن حتى لنفسه؛وهذا لأنه لم يجد أحدا يثق به ولا يأمن لتصرف له منذ كان صغير..فهو بالتأكيد يعاني من إستهانة المقربين إليه وخاصة أسرته بكل ما يصدر منه.
الضمير يحتم علينا أن لا نخون صغارنا من الأطفال والأهم المراهقين لأنهم إن لم يثيروا شكنا بهم نتيجة أي تصرف مشين؛لا داعي أن نحير عقولهم بإستفسارات حول عدم ثقتنا بهم..فنحن من نعرفهم على معاني الحياة ويجب أن لا نفقدهم الأمان لكي يستطيعوا أن يعطوه لغيرهم ولا يخنقهم الخوف من كل غريب.
وهنا يخطر على بال كل منا سؤال..ألا وهو:كيف لنا أن نأمن من حولنا نمنع الخوف أن يتسرب إلى أنفسنا من كل غريب وغامض؟؟ ولن يتلو هذا السؤال إجابة بل سيتلوه ظاهرة تفسيرية تبدأ بفقدان الأمان.
ليس منا من لا يشتد عضده إلا بعد توالي الصفعات عليه.. وذلك لأن البراءة التي نولد بها تجعل أمام أعيننا غشاوة بسبب سذاجة تعاملاتنا مع الحياة،ولكن لكي نكون من أنصار العدالة يجب أن لا نلقي بالمسؤولية الكاملة على الناس والمجتمع ونندب حظنا في ما لقيناه دون ذنب لنا،فالحق هو أن الإنسان هو من يضع نفسه في المكائد بسبب سوء تصرفه؛فليس معنى أن نعطي الأمان لغيرنا هو أن نستغني عن الحذر والتأهب ونخلط الأمان بالسفاهة..لأن الأمان الذي نعطيه للناس يجب أن يكونوا أهل ثقة والرحمة وأن يعطونا الأمان ويثقوا بنا قبل أن نثق بهم؛فليس من المعقول أن تثق بشخص لا يثق بك.
حذاري عساك أن ترى في نفسك الأمان فقط؛حيث تكبر في ذهنة فكرة أنك الوحيد صاحب الثقة الكاملة في حسن التصرف وأن لا أحد يمكن أن يكون لديه أي رأي جانب رأيك ولا يوجد فائدة من مساعدة الآخرين لك ولو حتى بالكلمة..فالتخوين ليس فقط أن تتوجس خيفة من غدر وأذى الآخرين ولكن أن لاتثق بقدرات من حولك ولا تعترف بكفآتهم، وإن كنت ممن لا يرون الا أنفسهم وتقتنع بأنك صاحب العقل الخصب والباقين أصحاب عقول بور فأدعوك لأن تجد لنفسك عالم آخر لا يسع أحد غيرك.