الخطأ الغاشم هو أن تطلب الحراسة من أحد غير الله-عزوجل- وهو لا يغفل عنك أبداً طوال حياتك وحتى بعد مماتك يرعى كل أحباءك؛ فلتطمئن قلبك أن ربك لن يختار لك قدر خاطئ أو مضر لك، وإن إستخدمت عقلك سيصل بك إلى الحقيقة الواضحة أنك -وإن كنت تشعر بأن لا أحد يهتم بك- تمثل أهمية عظمى لخالقك وإلا لِم خلقك في هذه الدنيا، أنت نفخة من روح الرحمن قبل كونك جنين من صفوة الحلال بين أبيك وأمك وحين تكتمل في التكوين كبشري يحين موعد خروجك للحياة؛ يحتسب عليك كل يوم وساعة ودقيقة وثانية حتى يتوفاك ربك وتنتقل إلى حياة البرزخ التي يكون فيها جسدك في القبر و روحك ملكاً لله-عزوجل- وحتى أجل غير مُسمى مع يوم القيامة الذي هو بمقدار خمسون ألف عام من تقدير أعوام الأرض، وهذا الحساب العسير على المُضلين واليسير على المؤمنين هو الطريق الى النهاية الأبدية إما في الجنة المستحقة من رضاء الله-عزوجل- أو في الجحيم المنتظر من طاعة الشيطان.. بحسبة منطقية بسيطة يتضح لأي عاقل أننا مُخلدين ذاتياً فبدايتنا كانت نفخة من روح رب العالمين ونهايتنا غير مُنتهية في الآخرة، حيث الموت ليس أكثر من مرحلة انتقالية بين حياة وأخرى.
الموت ليس أذى أو مصيبة كما يعتقد الكثير وإلا لماذا لم يعفي منه الله-عزوجل- الأنبياء والرُسل والعباد الصالحين..حتى الجن والملائكة نهايتهم إلى الموت إمتثالاً لأوامر رب العالمين، ولأن الحياة الدنيوية هي من أهم الحيوات التي تعيشها؛ فهي أعظم مسؤولية تشهدها وتلتزم بها، السؤال عن الموت هو أول سؤال يسأله الطفل بخوف عندما يصل إلى درجة الإدراك؛ خوفه يكون من المجهول وليس من الموت نفسه لأنه ينظر لنفسه وهو في كيان الضعف والصغر.. يفكر هل أنا سأنتهي في يوم من الأيام؟ ولماذا يجب أن تنتهي حياتي وأنا أريد أن أعيش؟ وكيف يحدث الموت لي لتخرج روحي من جسدي؟ ولماذا خلقني الله-عزوجل- وأعطاني حياتي ثم يجعلني أموت؟ وهل سأنجو من الموت إن أطعت ربي طوال حياتي؟
أولاً: الإنسان لا ينتهي بموته لأنه أهم بكثير من أن تكون نهايته بفناء جسده في الأرض بل يوجد لديه مراحل أهم بعد وفاته يجب ان يجتازها لكي يصل الى الخلود في جنة النعيم أو نار الجحيم وحين يصل إلى نهايته في إحدى المصيرين لن يموت أبداً، ثانياً: رغبة أي مِنا كي يعيش هي رغبة طبيعية للبقاء والتي تمثل أكبر دافع لدينا لكي ننتج ونجتهد في الحياة.. ولكن لا تغفل عن المعنى الحقيقي للبقاء بأن تترك للناس وللحياة أثر شامخ وعمل ناجح يبقى مع الأيام؛ حيث يوجد الكثير من الناس ذوات العمر المديد الذين ماتوا وعاشوا دون أن يسمع عنهم أحد ولن يخلد ذكراهم كثرة الأيام التي عاشوها وهي فارغة وعديمة القيمة.. ثالثاً: ربط الألم بالموت ليس أمر على محمل الجد لأن من يدعي أنه يعرف وصف حالة الموت وتأثيراته الحسية على الإنسان فهو مُدعي كاذب إلا إذا كان إنطلق برحلة إلى العالم الآخر وحضر إجتماع مع الأموات لكي يوصفون له تجربتهم مع الموت! رابعاً: القانون الذي يفرض حتمية الموت على كل المخلوقات قانون إلاهي يجعل لتوقيت معيشتك نهاية لكي تجد نتيجة أفعالك في الدنيا بدلاً أن تصبح في إختبار الحياة إلى ما لا نهاية، خامساً: الموت ليس عقاب أو شر لكي نستعيذ منه ولا يمكن لنا ان نجتمع بالموت ونسأله لماذا أنت كأس مفروض على جميع من خلق الله-عزوجل- ولكن الدنيا ليست مصدر للسعادة الأبدية التي تستحق منا التمسك بها.. في جميع الأحيان ومنعاً لكل الشكوك التي تنتاب العقل البشري من منافذ الشيطان، الموت علينا حق.
الحياة صعوبتها في ضعفك وسهولتها في قوتك وهذا ما يجعلك تستعين بمن هو أقوى منك لي يمدك بالرحمة التي تدعم قوتك، فعارٌ عليك أن تبحث عن قوي غير ربك القوي الرحيم الجبار.. فهو يستحق أن يُعبد ويُقدس وزكاءك في أن تمتثل لأوامره لكي يخشاه كل من يرغب في ضرك، الأمان لن يتوفر لك عندما تخشى أحد من دون الله-عزوجل- وانت تعلم انه مخلوق ضعيف مثلك لا يملك حتى ناصية أمره.. فحرصك على حياتك من جانب الضمان والأمان أمر مطلوب خاصة وأنت جاهل عن مصيرك، ولكن عندما تسير في حياتك وأنت تعلم أنك تطيع ربك وتجاهد نفسك وتمسك على دينك وتحارب شيطانك؛ فأنت ملك متوج بمتعة الثقة.. إن كانت تضُم الثقة في الله-عزوجل- التي تجعلك متأكد من أي شئ يختاره ربك لك وتجعلك متمسك بحزب الخير من أجل عهدك مع ربك، والثقة في نفسك التي تجعلك تُقدر النعم والهبات التي وضعها الله-عزوجل- فيك وبهذه الثقة تجد لنفسك طريق ثابت لوضع أهدافك ووضع خطط لتحقيقها، ولكن عناية الرحمن لن تتركك مُغيب دون ضمير يحيطك ويحميك من أشواك المعاصي والذنوب ويجعل لك إنذار من أي كارثة تريد أن تقدم عليها؛ وهذا مايحدث لك في كثير من الأحيان عندما تجد نفسك ضحية مؤامرة من بعض الناس والتي يستحيل أن تخرج منها من دون ضرر وتجد ترتيب أحداث يحملك عن حافة الخطر دون أي توقع منك.. وتستوعب مؤخراً أن الله-عزوجل- لن يحرمك من عنايته حتى وإن تحالف ضدك حفنة من الناس، وكثيراً ما تلعب الصدفة مع وقوعك في بعض المخاطر التي قد تؤدي بحياتك وتجد نفسك قد نجوت بأعجوبة تتحدى كل المقاييس؛ وبالطبع يكون تفسير ما يحدث لك هو القدر الذي وضعك ربك به.
تعقيدات كثيرة لا يمكن حلها دون الثقة في الله-عزوجل- لأن أي إنذار كاذب يعترض تسلسل أحداث حياتك ليكون مُنبه قوي لك يساعدك على التوقف لكي تنظر على ما فاتك والتأمل في ما تُقدم عليه، ربك يحبك ويميزك ويحرسك ولا ينتظر منك إلا الخير لكي يعطيك ما تستحقه في الحياة الدنيوية وما يليها من حياة البرزخ وحياة القيامة وحياة الخُلد.. وهذا ما يفرض عليك أن تنتبه لِما يقع أمامك من إنذارات كاذبة تُذكرك بهويتك الإنسانية وأحلامك التي تؤكد إنسانيتك، ولكن إن كنت مُغيب أو تتعمد التجاهل فلن تخسر إلا كل شئ! فلتُكرس سرعة بديهتك لكي تستوعب مُجمل حياتك من وقائع تعترض طريقك وتعرف الغرض منها وأيضاً أحداث تنتج عنك وتعرف السبب عنها.. وبهذا ستصحبك السلامة حتى يتوفاك الله-عزوجل- وتصبح مراقب فقط لما كسبت يداك في الدنيا في وقت لا يمكن لك أن تُصلح ما فاتك لكي ترفع من درجاتك في الآخرة.