يقظ لا ينام أو ميت لا يمكن إحياءه.. كذلك تتراوح هوية الضمير داخل كل إنسان لكي يتبين لديه الحق من الباطل والخطأ من الصواب، فياللعجب منك أيها الضمير ومن ضبطك لحياة كل منا لكي ننتقي إختياراتنا في كل خطوة من تقدمات حياتنا، فأنت مخلوق فينا بأمر الله-عزوجل- حتى تكون قوة دفاع من وساوس الشيطان وشرور أنفسنا التي قد تؤدي بنا إلى الهاوية، فلن تكون مبالغة عند وصفك بمنارة قلوبنا التي تعطي لنا مؤشر البيان قبل القدوم على أي فعل؛ فيجب أن نعترف جميعاً بأن لايوجد أحد منا يفعل أي شئ دون أن يكون بداخله علم بالفارق بين الحلال والحرام وهذا بفضلك أنت أيها الضمير القوي.. حتى وإن كان عديم الشخصية أو تابع لأشخاص آخرين فهو الذي يختار بإرادته الطريق الذي يسلكه ويكون بداخله اليقين من طبيعة اختياره سواء في الخير او الشر، انت موجود بثبات داخلنا مع تفاوت قوتك في كل شخص منا حتى وإن كان لا يعرف أهمية ضميره.
يا لك من مخلوق قوي لا يعرف سرك إلا خالقك.. فالقوي منا هو من يقدر مكانتك ويطيع تنبيهاتك ويستغل قوتك في أن يرتقي في مراتب الخير، انت تجعلنا نراجع كل حدث يومي نعيشه ونكون فكرة سريعة عن كل شخص نتعامل معه لكي نعطيه ما يستحقه منا.. عندما يخطئ إنسان منا تُشعره بذنب ما اقترفه في حق نفسه وحق غيره وتجعله في حالة من الأسى لأنه يخشى من غضب الرحمن ويتوجس من النظر في مرآته ليرى قبح فعله يظهر على ملامح وجهه؛ فيتلهف مسرعاً أن يرضيك أيها الضمير كي تكف عن عذابك له وتجعله يبتسم بقوة رضاك عن طاعة الله-عزوجل- فيبدأ في أن يفكر في غيره بدلاً من أن يفكر في نفسه فقط؛ ليتبين له أن الإعتراف بالخطأ هو أو شئ يجب أن يقوم به دون جدال لأن إعترافه بذنبه يجعله لا يخشى غير الله-عزوجل- ويكون هو المستفيد الأول لأنه أزاح من عقله حمل الخطأ الذي يشوه صورته، بالتالي يبدأ في التفكير في تصليح خطأه ويعالج ما تم إفساده سواء بقصد أو بغير قصد لكي يريحك أيها الضمير ويصل للمتعة العظمى أن لا يوجد شئ يمكن أن يقدمه لمن أخطأ في حقهم إلا وفعله؛ حتى لا يكون لديه ولو إحتمال ضعيف أنه إنسان سئ بل سيعرف ان لديه ضمير منعش يجدد تفكيره ويحسن سلوكياته ويراقبه قبل أن يقترف الخطأ وحتى إن غفل عن تفكيره القويم وإرتكب خطأ غير مقصود فلديه أساليب كثيرة لكي يصلح هذا الخطأ حتى لا يتحول إلى كارثة، ولكن عذراً أيها الضمير من أُناس قد تسول لهم أنفسهم أن يستغلوا إحساس أي شخص بالذنب بأن يدهسوه في وقت تأنيبك له ويتحاملوا عليه بقسوتهم وجفاهم.. بل ويتعمدوا ان ينتهزوا انهم اصحاب حق ويجدوا لنفسهم فرصة لعقاب من لا يسمح لنفسه أن يمر بسرعة على أخطاءه دون أن يعطي لكل مظلوم حقه وأكثر من ما يستحق، وهنا يتحقق مبدأ أن الحبيب يبتلع الصخر والعدو يتشبث بالخطأ لكي يكون نقطة ضعف لدى المخطئ.. فيجب عليك أيها الضمير القوي أن تنبه صاحبك من هؤلاء من يتصيدون الأخطاء لغيرهم بأن يجب أن نحافظ على حقنا في السماح حتى وإن كنا نتعامل مع من هم أصحاب الأغلال الذين لا يتهون عنهم السماح لأحد حتى وإن أبدى كل ما لديه من ندم وقدم كل ما لديه ليصلح ما أتلفه؛ يجب أن لا نعطي فرصة لمتصيدين الأخطاء كي يضعوا نفسهم في حجم أكبر منهم في حياتنا وتزداد قوتهم في الشر ظناً منهم أن منجم الخير بداخلنا الذي لا يسمح لأي خطأ يمر دون تصليح بالحق والإعتذار قد يكون نقطة ضعف بداخلنا بالنسبة لتفكيرهم المريض.
مسكين حقاً أيها الضمير الضعيف.. فأنت لا تعلم كيف لك أن تقاوم شر صاحبك وتقاوم الآفات التي تستوطن عقله دون أمل في علاجها، فهو عقل لا يستمتع إلا بزيادة جبروته من التسلط على من هم أضعف منه؛ فهم يريدون لك الموت أو قد جعلوك مدمن لرغباتهم فهناك أناس ضميرهم ميت بإرادتهم ولا يتم إيقاذه إلا بالمادة أو بالمصالح.. فهم يزيدوا منسوب الشر بداخلهم ولا يشغل بالهم إن كان هناك أشخاص يكمنوا لهم الكره أم لا؛ فالطيور على أشكالها تقع ومن المؤكد أن كل ظالم منهم لا يتأقلم إلا مع من يأخذ منهم منافعه الشخصية ويستخدمهم في تحقيق رغباته.. أما الحقيقة التي يكمنها في نفسه تكون مختبئة وراء عدم قدرته على العطاء مثل رغبته في الأخذ، فهو متأكد أن لا يوجد أحد يحبه بصدق ونقاء دون أن يريد إستغلاله في شئ وهذا لأنه قد أضعف ضميره بما فيه الكفاية وجعل تنبيهاته ميتة نحو اي خطأ يقدم عليه؛ وللأسف أصبح يتخبط بين تراهات أفعاله دون أن يجد راحة من الأذى الذي يلحق به من كل الناس سواء الغريب أو القريب، وهذا لأن فاقد الشئ لا يعطيه ولأن جبروت شخصه جعله مجبر على أن يكون شخص حديدي لا يجعل للعطف والرحمة مكان في قلبه وإن كان الكذب قد يُجمل صورته أمام الناس فما المانع أن يسير بمبدأ أنا لاأكذب ولكني أتجمل، الخوف الإجتماعي يكون المرض المترتب عن تخازل ضميره حيث أنه يخشى الظهور بحقيقته أمام الناس، لا يتضح في هويته الشخصية عندما يتكلم لأن ضميره يعيش حالة من الكبت من كثرة ما تحمله من أخطاء مؤجلة الإصلاح.. وهذا الإنسان يجب أن يوقظ ضميره لكي يعيد الإنتعاش لحياته ويعرف أن القوة تكون في الخير وأن الناس مهما كانوا سيئين لا نستطيع العيش بدونهم؛ المهارة تكمن في قوة إحتمال الناس بدلاً من إحتمال عذاب الضمير وأن تعامل الله-عزوجل- في كل إختبار يضعك فيه وتكون حائر بين وساوس نفسك وصوت ضميرك.
آسف.. كلمة يجب أن تعطيها حقها دون أن تظن في نفسك أن هذه الكلمة إدانة في حقك لمجرد الإعتراف بالخطأ رغم أنها من أقوى الكلمات ال بتعطي بريق على شخصيتك، كي تستطيع أن تراجع نفسك وترتب أوراقك سواء في الماضي أو الحاضر لابد لك من النهوض عن إحساسك بالذنب بسماحة نفسك الناتجة من تقديمك للخير عوضاً عن الشر؛ وبما إنك متأكد إنك لو رجع الزمن بك للخلف لا يمكن لك أن تكرر خطأ غير مقصود مهما كانت الظروف من حولك.. وهذه هي قوة إكتساب المعرفة من أي خبرة إكتسبتها لإنك لايمكن كإنسان إنك تسيطر على نفسك تكون خالي من الأخطاء مهما حاولت ضبط سيرك في الحياة وهذا نتيجة إختلاف البشر أجمعين عن بعضهم في التفكير وفي السلوك وفي الخلق، فسبحان المولى الأعلم بعباده منهم بإدارته للكون دون أي خلل أو تقصير مهما إزدادت حياتنا البشرية تعقيداً وإزدحاماً وسرعةً.