انتشرت في الأسواق أخيراً ثلاجات عرض مستعملة يتسرب منها غاز (الفريون) السام، بكل مايعنيه ذلك من مخاطر محتملة علي الصحة العامة والبيئة.
الثلاجات يتم استيرادها من الخارج لتباع في أسواق متخصصة في بيع ثلاجات العرض المستعملة، دون وجود جهة رقابية متخصصة في رصد الاضرار التي قد تسببها مثل هذه السلع المعمرة المستعملة علي البيئة وعلي الصحة العامة. وكأن السوق المصرية بلا صاحب، وكأن صحة المصريين لاتهم أحداً من المسئولين علي الإطلاق!
الغريب أن هذه النوعية من الثلاجات المستعملة لم تعرف طريقها إلي السوق المصرية بهذه الكثافة إلا بعد الثورة، بما يعني أن حالة الانفلات الأمني رافقها انفلات إداري فسمح لمثل هذه السلع "التي قد تكون لها أضرار فادحة" بالمرور من المنافذ الجمركية والموانئ بكميات كبيرة بدون أي تقدير لما قد تسببه من كوارث صحية وبيئية.
ربما كان البحث عن سلع رخيصة الثمن وراء انتشارها كبديل لمثيلاتها الجديدة (المستوردة أو الصناعة المحلية) حيث يقل ثمن الثلاجة المستعملة عن نصف ثمن (الجديدة) وقد يقل عن ذلك، وبالطبع لايبرر هذا اكتساحها للسوق المحلية بهذه الصورة.
حيث يؤكد ناجي ألبير ـ نائب رئيس شعبة الاجهزة الكهربائية التابعة لاتحاد الصناعات بوزارة الصناعة ـ دخول ثلاجات عرض مستعملة إلي مصر عن طريق الموانئ وأن 40% من هذه الثلاجات تم تجديده بآليات واختبارات تجعلها جديدة ومستعملة في أن واحد، وأغلبها يأتي من أوروبا. وتتم الموافقة علي دخوله من خلال وزارة الزراعة والحجر البيطري شأنها شأن الطعام المستورد من الخارج ويتم بيعها من الموانئ رأساً عن طريق بعض المخلصين الذين يقومون ببيعها لتجار الجملة ومنها لتجار التجزئة لتصل مباشرة إلي محال السوبر ماركت والجزارة وتجارة منتجات الالبان.
ويضيف البير أن حجم وارداتنا من الثلاجات "الجديدة" يصل إلي 25% من حجم البضائع الموجودة بالسوق، وأن حجم انتاجنا من هذه النوعية يبلغ حوالي عشرة الاف متر حسب قياس كمية الانتاج، وأن ما ساعد علي انتشار تلك الثلاجات المستعملة هو انتشار سلاسل السوبر ماركت العالمية في مصر، مما كان له أكبر الاثر في زيادة الواردات من هذه الثلاجات، وأثر بالسلب علي حجم مبيعات السوق المحلية في هذا التوقيت البالغ الخطورة. وأن هذه الصناعة تعاني في الأساس من أن ثلث مكوناتها يتم استيرادها من الخارج، مما يحمل المنتج عبء الجمارك لذا لا تستطيع المنافسة.
ومن جانبه، يقول د. أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية ـ ان ما يثار من وجود ثلاجات عرض ضارة بالصحة هو أمر غير صحيح علي الإطلاق لأن كل الواردات التي يتم استيرادها من الخارج سواء كانت صحية أو سلعا الكترونية أو مواد غذائية تمر من خلال الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات المنبثقة منها لجان عديدة منها لجنة الزراعة والصحة والبيئة والأمن القومي، بحيث تمر كل سلعة من الجهة المنوطة بها.
وأضاف شيحة أنه في حالة عدم معرفة بلد المنشأ فان هذه السلعة لاتدخل البلاد لأن أحد أهم شروط الاستيراد هو أن يكون مع كل سلعة شهادة مدون بها بلد المنشأ وشهادة الجودة (CIQ) وذلك طبقا للاتفاقيات الدولية والمعاهدات الموقعة من كل الدول المشتركة في اتفاقية التجارة الدولية، وأعتقد بوجود شخص له مصلحة شخصية من وراء نشر تلك الشائعة، وإذا كانت معلومة دخول هذه الثلاجات صحيحة، فان الحكومة هي التي تتحملها وليس المستوردون" علي حد قوله.
ويقول المهندس نبيل فريد ـ رئيس الغرفة الهندسية ـ انه في حالة دخول هذه الثلاجات المستعملة وفي حالة ما إذا كانت حالتها رديئة، فان مخاطرها ستكون عديدة علي الصحة العامة، وان هذا يعني أنه لم يتم الكشف عليها في الجمارك، وتسأل عن ذلك الجمارك باعتبارها الجهة المسئولة عن الفحص.
وفيما يتعلق بالتأثير الصحي، يقول الدكتور مجدي جادالله الاستاذ بالمركز القومي للبحوث ان كلمة (فريون) هي اختصار لـ(كلور وفلورو كاربون) وهي مادة سامة للإنسان إذا استنشقها عن طريق الجهاز التنفسي، وتركيزه التراكمي يؤدي إلي سرطان الرئة، ولكن إذا تعرض الطعام لهذا الغاز في الثلاجات، فانه يؤدي إلي تبريده فقط ولايجعله ساما. يجب الاحتياط في التعامل مع هذه الثلاجات كي لاتؤدي إلي كارثة بيئية وصحية.
بينما يقول الدكتور محمد هشام استشاري الأمراض الباطنة والقلب ان (الفريون) حل محل (الامونيا) في التبريد بعد أن ثبت أن ـ الأمونيا ـ تؤدي إلي تسمم الطعام والإنسان علي السواء. وأن ضرر غاز (الفريون) يحدث في حالة ما إذا تم تسريبه واستنشقه الإنسان، وهنا يصاب الانسان باختناق قد يؤدي إلي الوفاة، أما إذا أكل طعامنا معرضا لهذا الغاز، فليس هناك معلومات عن أضرار ذلك. ولكنه سام علي كل حال.
منعت دول أوروبية كفرنسا وإسبانيا أبناء الجالية الجزائرية من إدخال مكيفات هواء اقتنوها في الجزائر. وأرجعت سلطات هذه الدول سبب منع إدخال مكيفات قادمة من الجزائر لاحتوائها على غاز التبريد المسمى تجاريا ''فريون''، لأثـره السلبي غير المباشر على صحة الإنسان في حالة التسربات، وأثـره المباشر على البيئة وبالتحديد طبقة الأوزون مثلما تضمنته لوائح أممية لحماية البيئة تأمر بوقف استعماله.
أقدمت لجان فحص النوعية على مستوى بعض المطارات الأوروبية على حجز ومصادرة مكيفات هوائية قادمة من الجزائر، اقتناها أبناء الجالية في السوق المحلية لانخفاض أسعارها مقارنة بنظيرتها هناك، على اعتبار أن أسعارها تصل إلى 800 أورو في الأسواق الأوروبية ما يمثل أضعاف سعرها في السوق الوطنية.
وأرجعت سلطات الدول الغربية قرارها إلى احتواء مكيفات الهواء المركبة في الجزائر على غاز التبريد المسمى تجاريا ''فريون'' أو ''ار''12 الأكثـر استعمالا وانتشارا قبل الاتفاقيات الدولية لوقف استعماله المبرمة بناء على تقارير منظمات حماية البيئة التي أكدت تأثيره الجسيم على طبقة الأوزون ومنظمات الصحة التي أحصت الأمراض المزمنة التي تسببها التسربات والإفرازات.
وأرجعت سلطات الدول الغربية قرارها إلى احتواء مكيفات الهواء المركبة في الجزائر على غاز التبريد المسمى تجاريا ''فريون'' أو ''ار''12 الأكثـر استعمالا وانتشارا قبل الاتفاقيات الدولية لوقف استعماله المبرمة بناء على تقارير منظمات حماية البيئة التي أكدت تأثيره الجسيم على طبقة الأوزون ومنظمات الصحة التي أحصت الأمراض المزمنة التي تسببها التسربات والإفرازات.
وقدرت التقارير الصحية خطورة ''فريون'' على حياة الإنسان في حالة تسربه بعد تجاوز مدة الاستعمال حدا معينا، حيث يسبب هذا الغاز الذي كان إلى وقت قريب لا غنى عنه في التبريد من أمراض الحساسية وضيق التنفس وحتى السكتات القلبية، سيما أن تسربه من أنابيب الإيصال بعد طول استعمال أمر وارد من جانبه التقني، خاصة إذا جاوزت مدة الاستغلال ثلاث سنوات.
وتؤكد مصادر''الخبر'' بأن تقارير أممية تتعلق بالبيئة والمحيط وصلت إلى الجزائر، منها تقرير يتعلق بتنبيه الجزائر إلى ضرورة تطبيق مضمون الاتفاقية التي وقعت عليها بخصوص التقليص التدريجي لاستعمال غاز ''فريون'' في مكيفات الهواء لآثاره على البيئة.
وإلى غاية 2009 كان استعمال غاز ''فريون'' للتبريد الوحيد إلى أن تم إبرام، خلال تلك السنة، اتفاقية تقليص الاستعمال تدريجيا إلى حين وقف استعماله نهائيا وتعويضه بغاز آخر صناعي معالج ولا تأثير له على الصحة أو البيئة. وكانت نهاية 2010 الآجال القصوى لتجسيد الاتفاق الدولي، غير أن الجزائر تماطلت في اتخاذ التدابير بمجرد إبرام الاتفاق، ما جعل مكيفات الهواء المركبة في الجزائر تعبأ بغاز ''فريون'' الذي أصبح محظورا سيما وأن كل المكيفات تصنع في الجزائر بعد استيرادها نصف مصنعة عقب قرار منع استيراد التجهيزات الكهرومنزلية كاملة الصنع.