كثير منا يكون تحت تحكم أناس أغبى منه ولا يحسنون التصرف في أبسط الأمور ويكون مأمور أن ينفذ كل أوامرهم الحمقاء دون أن يناقش أو يعترض، الأدهى أنه عندما يحدث البلاء الذي يتوقعه نتيجة لما يأمره به الحمقى المتحكمين فيه يتهمونه هو بالفشل والتقصير لأن ماحدث ناتج عنه وحده ولا أحد مسؤول غيره ولذلك فهو يستحق العقاب لكي لا يكرر أخطاءه! وآخرون أيضاً تجدهم لا يقدرون أي من إنجازاتك بل وعندما تضيف الكثير من التحسن في ما لا يتوقعونه؛ يكونوا منبهرين بك حق الإنبهار ولكن لا يظهرون أدنى إهتمام أو إكتراث لما فعلته من خشيتهم أن يعظم قدرك وترتفع عليهم فتظهر ضآلتهم بجوارك.. وكأن الخطأ منك عندما حاولت أن تحصد نتيجة إجتهادك! أما عن أصحاب الطاحونة فهم ينتقون الكوادر لكي يجعلوا منهم عبرة لمن يرغب في النجاح، لأنك عندما تستغل قدرتك في مجال أوسع وتحمل نفسك بعض المهام الخارجة عن فروضك والغير مسؤول عنها تجد هؤلاء الطحانين يضعون تلك الأعمال الفائقة من فعلك وتحت مسؤوليتك ويتعمدون تناسي حدود تحملك وأنك تتحمل ما يزيد عن طاقتك؛ وهذا لأنك العدو اللدود لديهم الذي يذكرهم بعجزهم عن النجاح وأنهم لا يساوون الكثير بالنسبة لثبات أمثالك على أرض النجاح التي إنزلقوا من عليها دون أن يتخذوا منها مكان.
العديد والعديد من هذه المواقف التي تجعل أسئلة لماذا تزيد من معدل الضغط بداخلك، والكارثة أن تترك شيطانك يتحكم في مؤشر غضبك لكي يضع أمام عينك كل النقاط السوداء في حياتك وتفقد صوابك.. ولكن الحقيقة أن كل هؤلاء الناس إن كانوا يمثلوا إليك ذرة إهتمام يمكنك أن تجعلهم أسياد حياتك، عليك أن تجد ألف طريق كي تحقق ذاتك ولا تجد سقف لمحاولاتك بل تحاول حتى تموت لكي تمسك بزمام الأمور وتملك السيطرة على نجاحك.. الحياة صعبة وكلما كبرنا فيها زاد نضجنا وقل غضبنا، أنت في مهدك رضيع ضعيف لا تجد طريقة لتعبر عن رغباتك غير الصراخ والصياح؛ ولكنك بالتدرج في مراحل الحياة تدرك وتتعلم أنك تستطيع أن تفعل الكثير غير الصياح لكي تترقى في إنسانيتك.
الغضب وارد في أي لحظة من حياتك لأنك إنسان وليس آلة؛ ولكن هذا الغضب لن يملك السلطة عليك لكي يفوق سيطرتك على نفسك..فالقرار الذي تتخذه لحظة الغضب يستحيل أن يكون صائب بل سيجلب لك الخسارة التي لا تتمناها بل أحياناً تصدر عنك أفعال تضعك في عذاب لأن لا تستطيع أن تسامح نفسك، وأكبر دليل على ذلك أن الله-عزوجل- لم يشرع نفاذ الطلاق بين الزوجين في حالات الغضب التي تصل للإنهيار؛ حيث يمكن للرجل أن يرمي يمين الطلاق على زوجته في لحظة غضب وعندما يهدأ تقول له زوجته أنك طلقتني وهو لا يصدق بل أنه يكون قد نسي فعلياً ما صدر عنه من أفعال وأقوال وكأنه كان مغيب كلياً.. فهل من المعقول أن يتحكم الغضب في إنسان حتى يلغي العقل بداخله.
تمالك النفس أحياناً يتطلب البعد عن بعض الناس الذي يشعلون بداخلنا شرارة إنفجار يمكن أن تحرقك قبل أن تحرقهم، السماح بمسافة تساعد في ترتيب الأمور حتى وإن كانت هذه المسافة يجب أن توضع بينك وبين أقرب الناس إليك؛ فـتكون حبيس نفسك داخل زحام من المشاعر التي تعرقل سيرك المنضبط وهذا يجعلك تظهر بصورة مشوهة أمام نفسك وأمام الآخرين.. ويمكن أن يكون هناك البعض الذي يهمك صورتك النقية أمامهم فيتخذون عنك فكرة خاطئة ويتوجسون خيفة من الإقتراب منك، ويمكن أن يحدث العكس وتجد في ضرورة تمالك نفسك أن تقترب من أشخاص يمتصون غضبك ويطفئون إشتعالك ويدعموك بما تحتاج إليه من كلام مرطب لحروق غضبك لكي تفتح أمامهم جرحك وتفصح أمامهم عما يحطمك ويزيد ضغطك النفسي.. ولكن من الوارد أن يختفون تلك الناس من حياتك ولن تجد من يطيب جرحك ويحمل حمولك غيرك أنت لأنك أدرى الناس بنفسك؛ فجميعنا يلجأ لأصحاب ثقة في الشدائد ولكن لكي تجد لنفسك شخص يعمل كمهدئ فوري في لحظات إنفجارك هذا لن يكون غيرك عندما تأخذ دعمك من الله-عزوجل- لأنك يجب أن تتأكد أن أي شخص يمكن أن يكون صاحب هموم تجعله لا يطيق نفسه، فما بالك وإن وضعته في مسؤولية أن يطيقك بحمولك لتكون هذه منك منتهى الأنانية.. بل أحياناً تكون شرارة الغضب عندما تظهر أمام أحد عن طريق الكلام يكون وضوح معالمها ومسبباتها أكثر ألماً من الجرح نفسه ويكون أولى لها أن تخمد من حيث نشأت.