الغياب عن الواقعية الذي يجعلك غير منتبه تماماً لأهمية حياتك ويجعلك غير مستفيد من النعم التي توهب لك؛ مايجعل منك سلاح تخريب لأحلامك ويجعل ملامحك تتلاشى في أعين كل من يحبك ويجعلك مجرد مسخ من أفلام وروايات تبهر نظرك وتريد أن تقتبس منها اللقطات التي تعتقد أنها ستؤثر في من حولك وتعطيك مكانة البطولة عندما تتقن تقمسها، فأنت تدمر مصداقيتك في نظر كل من يحبك عندما تتنصل من شخصيتك الحقيقية وتجعل لنفسك موسوعة من الأقنعة تجعلك تبدل أيامك التي تشعر فيها بالركود..وللأسف أنت بهذه الطريقة المريضة لا تهرب من سلبية حياتك ولكنك تبدل موقعك بأن تعيش قشور الأمور دون أن تلتزم بدور محدد يحقق ذاتك ويجعلك تستحق تقدير الناس قبل تقدير نفسك، فلا يجب عليك أن تعيش دور القائد طالما إزداد إحتياجك للعظمة ولا يجب عليك أن تلجأ لدور الضحية لكي يعود إليك إحساس العطف الذي تفتقده.. أنت مصدر أحاسيسك التي تشحذها من عالمك الخيالي البعيد عن واقعك.
عندما يتبرأ الناس منك ومن معرفتهم لك بسبب الوهم الذي جعلك أن بإمكانك أن تخدع كل من حولك كل الوقت، تكون مجرم في نظر كل من آمن لك وترك ولو جزء من حياته بين يديك.. لأن من يرى من الكثير من الآلام يجعل منه وحش متلهف على سلامة إنسانيته التي يخشى أن تضيع بين أوهام مخادع مثلك، تأكد من أن الخطأ منك حين يأتي بخاطرك أن الفوضى العظيمة التي تتفشى في عالمنا ستجعل قوانين الله-عزوجل- تختل.. لأن قدرته التي تفوق كل تصور تجعل الحياه لا يمكن أن تحيا دون أن يأتي أناس يخلصون حقوق أناس آخرين دون حتى أي سابق معرفة بالظلم الواقع عليهم، فعندما تُسيئ إلى إنسان وتنسى إساءتك له فربك-بعزته وجلاله- لاينسى مهما مرت عليك الأيام ونساك أيضاً من ظلمتهم، فلماذا تبعد عن البراءة التي خُلقت عليها وترجع تصتنع لنفسك الروح الملائكية التي تجعلك نصّاب؟! الكرم الغامر الذي تجده من خالقك الجليل الكريم هو أنك مادمت على قيد الحياة فأنت مغمور بالفرص الغير منتهية والتي تأتي ولا تشعر بها إلا حين تذهب، ويُخيل لجبروتك المريض أنك ملك على عرش يجب على كل من يحبك أن يحملك بعرش أنانيتك على أكتافه لكي تقبل الفرصة الذهبية التي يقدمها لك.. ولكنك مغيب ولا تشعر بنفسك وأنت تخسر الكثير والكثير من الفرص التي ستحتاج إليها ولكنك عندما ترغب في إسترجاع تلك الفرص سيخونك الناس ويخافون أن يعطون لك فرصة ثانية، لإنك قد طبعت في أذهانهم بكل فعل قدمت عليه أنهم لو أعطوا لك ظهورهم بأمان ستطعنهم بخسة ودنائة.
الرواية المتكررة دائماً قبل حالة الندم العميقة التي تمزق قلبك هي أنك عندما يرزقك الله-عزوجل- بإنسان يمثل لك فرصة ثمينة تكون حائر في إعتقاداتك إن كانت تلك الفرصة آتية لك بالحق أم لا؛ وعندما تتأكد أن ربك قد رزقك بتلك الفرصة بصرف النظر إن كنت تستحقها أم لا تكون في قمة السعادة لدرجة أنك لا تصدق أن النعمة التي مُنحت لك حقيقة وليست خيال، حيث تكون مُستمسك بها ومتلهف عليها كي لا يختلسها أحد من أعدائك وأنت ممتلئ بالطاقة التي تملأ عقلك بكثير من الخطط التي تُمهد طريق سعادتك لكي تضعها في موضع التنفيذ؛ الرغبة التي تملأ روحك في أن تستغل كل وقتك وكأن اللحظة والواحدة تمثل فرصة جديدة تجعلك تصنع المعجزات وتجعل منك ملك الفرصة التي تريد أن تحقق بها أقصى جدوى ممكنة.. الإبتسامة المشرقة التي تظهر عليك أكبر برهان على الشعور بالأمل الذي ينتابك، أجل..فإن أعظم درجات السعادة هي أن تجد نفسك مميز دون عن بقية الناس بفرصة خصها الله-عزوجل- لك خاصة وإن كانت هذه الفرصة تُتمم أحلامك لإنك كنت تتمنها أمد الدهر، والسؤال الذي يغدو عن بال كل منا:هل الشيطان بالغباء الذي يجعلك تستمتع بالنعم التي رزقك الله-عزوجل- إياها دون تدخل شيطاني يقلب حياتك عاليها لسافلها؟ للأسف في معظم الأحيان يجد الشيطان بداخلك حقل خصب من الغباء يسهل عليه أن يزرع بداخلك كل الأشواك التي تمزق حياتك وتجعلك في غاية البؤس تندم على فرصة ضاعت.
وساوس نفسك تبدأ بنمو التأكد بداخلك لكي تطمئن أن هذه الفرصة لن تضيع منك فتبدأ بأن ترخي عزيمتك التي كانت توقذ قدراتك وتبدأ في التخازل تجاه كل الخطط التي رسمتها سابقاً وأصررت على تنفيذها، والأصعب أن منسوب السعادة يتسرب من داخلك بأنك تنكر هوية فرصتك من الأساس وتقارن بينك وبين من هم يملكون نعم أعلى منك.. فتتملق على ما رزقك الله-عزوجل- وتبيت مقتنع أن ما كنت تراه فرصة ليست فرصة.. ويمتد من حولك طغيان نفسك ليجعلك ترى أنك إجلالك أكبر بكثير من هذه الفرصة ضئيلة الحجم فينساق تفكيرك على مجموعة من الإنتقادات توجهها لتعديل النعم من حولك.. وأقرب مثال على ذلك عندما تقع في حب إنسان طالما حلمت أن ترتبط بشخص في مواصفاته تجد نفسك في قمة السعادة لدرجة أنك تلمس السحاب بيديك وقدميك ثابتة على الأرض، ترى في حبيبك الملاك الخالي من الذنوب والذي يحمل لك كنز الحياة الجميلة التي طالما حلمت بها لتعيشها معه كشريك حياتك الذي يقاسمك كل شئ؛ وتشعر أنك في حالة من الرضا تجعلك تتقبل منه أي شئ بمبرر الحب وتكون على إستعداد تام لتتحدى به أي عدو يريد أن يفرق بينك وبين حبيبك شاهراً أمامه راية الحب، وعندما يطمئن قلبك بأنه لا يستطيع الإستغناء عنك يتحول حبك له إلى رغبة إمتلاك كأنه شئ مادي من ممتلكاتك تستطيع أن تطلبه أو تتركه وقتما تشاء وتتمكن من تعديله وتغيير ما به وقتما تشاء.. وتمحو من ذاكرتك تماماً أنه يرغب في كل شئ ترغبه منه ويلتفت نظرك فقط إلى حقوقك عليه وتنسى واجباتك له لأنه ملكك، فتصبح في حالة تمرد على كل وعودك له وتنسى كل ما كنت تراه جميل منه من البداية إما لأنك تقارن بينك وبينه أو لأنك تطمع في أن تجد الأكمل منه وكإنك أنت الكائن الخرافي الخالي من أي عيوب، وعندما تأتي الفاجعة وتنفذ طاقة تحمله لك ويهرب منك تاركاً معك جبروتك الظي لم يظهر من البداية بدافع التصنع الذي كنت ملتزم به أمامه؛ تشتعل بداخلك نار التوحش التي تدافع عن حقك فيه وعدم حقه أن يحطم إرتباطه بك وكأنه عبد لك.. فأنت غير مدرك أن ما وجده منك من بشاعة قد محى من عقله كل ذكرياته معك التي قد كانت صالحة لمهمة الغفران الذي يساعده على نسيان قسوتك؛ والذي أيضاً لم يعد يصلح بعد أن وجدك مثل السرطان الذي ينهش الحياة منه وعندها مهما حاولت معه لن يرجع لك ليعيد الكرّة في كل ما عاناه منك من عذاب.
الحياة فرصة يجب أن تسعى لإستغلالها ومن سيساعدك في ذلك إقتناءك لأشخاص يستحقون أن يكونوا مقربين منك ويسعوا لإسعادك.. ولكن يجب أن تقدم قبل أن تأخذ لكي تحرك دوافع الخير بداخلك قبل أن يقتلها شيطانك الذي يسرق عقلك لكي تنسى قيمة كل فرصة يمنحها الله-عزوجل- لك، ولكن كل فرصة لها صلاحية منتهية يجب أن تُسرع إستخدامها في التوقيت السليم قبل أن تنتهي صلاحيتها..ومع تكرار أخطاء سلبية مبالاتك تصبح حياتك عبارة عن تسلسل من الفرص الضائعة، والحذر هنا يكون من جشع النفس في الإستيلاء على كل ما يقابلك سواء إن كانت فرصة من حقك أو من حق غيرك.. بالمفهوم البسيط تذكر دائماً أن فرص الحياة مثل الأحذية يجب أن تكون متينة ومناسبة ومضبوطة المقاس فلتنتقي الفرصة المناسبة التي ترتقي بحياتك.