الزواج مودة ورحمة
في دراسة أجريت على 34500 شخص تبين أن الزواج يساعد على الاستقرار النفسي، ويخفض من احتمال الإصابة بالاكتئاب. وارتكزت الدراسة على مسح لمنظمة الصحة العالمية للصحة النفسية في جميع البلدان النامية والمتقدمة، أجري على مدى العقد الماضي [CNN].
يقول أخصائي علم النفس السريري، كيت سكوت، من "جامعة أوتاغو" في نيوزيلندا: ما تشير إليه دراستنا أن رابط الزوجية يوفر الكثير من الفوائد للصحة النفسية لكل من الرجل والمرأة، أن الأسى والاضطراب المرتبطة بالانفصال يمكن أن تجعل الناس عرضة للاضطرابات العقلية."
وتؤكد هذه الدراسة جملة أبحاث سابقة بأن الزواج يعزز صحة الرجل و"حافظة نقود" المرأة، بالإشارة إلى أن الطلاق قد يؤدي لانتكاسات صحية، من الإصابة بأمراض القلب وحتى السرطان.
ونقول دائماً إن كل ما جاء في كتاب الله عز وجل صحيح ومطابق للعلم. فالزواج سنّة نبوية وشريعة إلهية، فمن أعرض عن الزواج فإنه يخالف بذلك تعالم الخالق وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
يقول تبارك وتعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. فهذه المودة والرحمة والهدوء والاستقرار النفسي... تنشأ بفعل الزواج، ولكننا كمسلمين نعتقد أن الله تعالى هو الذي وضع هذا النظام وليست الطبيعة!
إن الملحدين عزفوا عن الزواج ولجؤوا إلى الصداقة والشذوذ والفاحشة، فكانت الأمراض الجنسية المعدية، وكان الاكتئاب الذي يعصف بالمجتمع الغربي، حتى إن أحدث دراسة تقول إن 13 % من أطفال أمريكا مصابون باضطرابات نفسية!
وتعالوا معي إلى المجتمعات الإسلامية، وعلى الرغم من التخلف العلمي إلا أننا نجد نسبة الاكتئاب والانتحار والأمراض الجنسية أقل بكثير جداً من أي بلد "إباحي"، وهذا دليل مادي على قوة تعاليم الإسلام وصدق هذه التعاليم وفائدتها بالنسبة للمجتمع.
إذاً نستطيع القول بأن علماء الغرب اليوم وبعد دراسات طويلة ينادون بالزواج كضرورة ماسة لصحة الفرد وزيادة دخله واستقرار حالته النفسية، ويؤكدون من خلال أبحاثهم العلمية أن الزواج أفضل من الرهبانية... ونقول: أليس هذا ما جاء به الإسلام بقبل أربعة عشر قرناً؟!!
أليس النبي الكريم هو القائل: (لا رهبانية في الإسلام)؟ أليس هذا النبي الرحيم هو الذي قال لذلك الشاب الذي عزف عن الزواج: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)؟ [الحديث الشريف: (يا عثمان ! إني لم أومر بالرهبانية، أرغبت عن سنتي؟! قال: لا يا رسول الله! قال: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا عثمان! إن لأهلك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً) (السلسلة الصحيحة).] إذاً يا صديقي الملحد: لماذا ترفض تعاليم هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟
يعترف الباحثون اليوم وبعد تجارب مريرة ومشاهدات قاسية تكبدتها المجتمعات الغربية، أن الزواج هو التصرف الطبيعي الذي يمكن للإنسان أن يقوم به، وليست العلاقات غير المشروعة. وكما نعلم فإن علماء الغرب في العصر الحديث كانوا يؤكدون أنه لا ضرورة للزواج، ويمكن للمرء أن يختار شريكته ويعيش معها دون زواج، ويمكن أن ينجبا الأطفال، ولن تحدث أية مشاكل. وبناء على هذا الاعتقاد سارع الكثيرون للعزوف عن الزواج، واختيار شريكة تعيش كأنها زوجة له، ولكن دون أن يعقد عليها أو يلتزم تجاهها بأي شيء.
لقد بدأت أولى سلبيات هذا النظام عندما حسب العلماء عدد حالات العنف المنزلي وأدركوا أن معظمها تحدث في بيوت غير المتزوجين، والذين يقيمون علاقات غير شرعية. ثم درسوا نسبة القلق والإحباط فوجدوها أعلى ما يمكن في هذه البيوت غير الشرعية. ولكن الدراسة الأخيرة كانت على أطفال هؤلاء "الأزواج" غير الشرعيين، فقد كانت المفاجأة.
في مقالة نشرت على جريدة ديلي ميل البريطانية بتاريخ 19/12/2008 اعترفوا بأن الزواج أفضل للأطفال. فقد اعترف الباحثون بأن الزواج ينعكس بشكل أفضل على الأطفال وأن العلاقات الزوجية تكون أكثر استقراراً، وبالتالي تنعكس على استقرار الأطفال في المنزل. لقد وجدوا أن 70 % من المجرمين يأتون من بيوت غير شرعية!
إن الأطفال يتأثرون كثيراً عندما يعيشون في بيت غير شرعي، وبالتالي يؤثر ذلك على سلوكهم وعلى حالتهم النفسية، وحتى على المستوى التعليمي لهم. كما وجدوا أن العلاقات غير الشرعية لا تعمر طويلاً، على عكس الزواج الذي يدوم أطول، ويعطي نتائج إيجابية في تربية الأطفال وسعادة الزوجين.
الزواج سنَّة نبوية شريفة!
كلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فمن رغب عن سنَّتي فليس مني)، ولو تأملنا القرآن الكريم لا نرى أي ذكر لصديقة أو حبيبة أو عشيقة، بل نرى أن الله منذ سيدنا آدم قال: (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة: 35]، فالزواج سنَّة إلهية منذ أن خلق الله سيدنا آدم عليه السلام، واستمرت هذه السنة آلاف السنين ولم يكن هناك أي خطأ أو نتائج سلبية لعملية الزواج، ولكن الإنسان عندما غيَّر هذه السنَّة، بدأت المشاكل بالظهور وبدأت النتائج السلبية تطفو على السطح، وبدأ الباحثون ينادون بضرورة العودة إلى الزواج كفطرة طبيعية.
ولذلك قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. وكأن الله تعالى يريد أن يؤكد لنا من خلال هذه الآية على ضرورة الالتزام بقانون الزواج وعدم مخالفته، وأن "الزواج" بحدّ ذاته هو آية ومعجزة تستحق التفكر (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فماذا يحدث لو أن الإنسان تخلى عن الزواج! ستبدأ الاضطرابات ويبدأ التفكك الأسري، وتبدأ الجرائم، وسيظهر جيل من المجرمين، فالحمد لله الذي أنعم علينا بهذه السنة الرائعة.
جاء في دراسة حديثة حسب موقع CNN أن المتزوجين في صحة أفضل من تلك التي يتمتع بها العازبون، رغم أن الرجال المتزوجين أكثر عرضة لزيادة الوزن أو البدانة من الرجال الآخرين، وذلك في إحصاء قام به المركز القومي لإحصاءات الصحة.
والحقيقة لم يحدد التقرير الذي نشر بتاريخ 16/12/2004 واستند على مقابلات مع أكثر 125 ألف شخص، الأسباب لذلك. وقالت تشارلوت شونبورن الخبيرة في إحصاءات الصحة وهو أحد مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، والتي قادت فريق الدراسة، إن هناك نظريتين لما خلص له التقرير، بحسب وكالة الأسوشيتد برس.
النظرية الأولى هي نظرية حماية الزواج Marriage Protection وترى أن المتزوجين قد يتمتعون بإيجابيات أكثر بمفهوم المصادر الاقتصادية والدعم الاجتماعي والنفسي والتشجيع لاعتماد أسلوب حياة صحي.
أما النظرية الأخرى فهي نظرية اختيار الزواج Marital selection ومفادها أن الناس الأكثر صحة يتزوجون ويظلون متزوجين، في حين لا يقدم الأقل صحة على الزواج أو من المرجح أن يصبحوا أكثر عرضة للانفصال أو الطلاق أو يصبحوا أرامل إذا تزوجوا.
ووجد التقرير أن بين الراشدين بسن الـ 18 وما فوق، 11.9 بالمئة منهم قالوا إنهم في صحة سيئة. وقال قرابة 10.5 بالمئة من المتزوجين إنهم في صحة سيئة، فيما كانت نسبة باقي المجموعات أعلى. فالأرامل يبدو أنهم بين الأعلى في هذه المجموعات عند نسبة بلغت 19.6 بالمئة.
نتائج الدراسة
اعتمد التقرير الذي أعده المركز القومي لإحصاءات الصحة على مقابلات جرت بين 1999 و 2000 مع 127545 بالغا تزيد أعمارهم عن 18 عاما. وأظهر التقرير أن 58.2 في المئة من البالغين متزوجون، و10.4 في المئة منفصلون أو مطلقون، و6.6 في المئة أرامل و19 في المئة لم يسبق لهم الزواج و5.7 في المئة يعيشون مع شريك. ووجد التقرير أن حوالي 61 في المئة من البيض و58 في المئة من ذوي الأصول الإسبانية و38 في المئة من السود متزوجون.
ووجدت الدراسة أن من يعيشون معاً دون زواج أكثر عرضة للمعاناة من مشكلات نفسية مقارنة مع البالغين المتزوجين.
في دراسة قام بها المكتب الإحصائي الأسترالي تبين أن المتزوجون أطول عمراً من غير المتزوجين، ويقول البروفسور بيتر ماكدونالد من معهد البحث السكاني والاجتماعي: إن المتزوجين لهم معدلات عمر أعلى من أولئك الذين فضلوا العيش وحيدين، وربما يكون سبب ذلك أن المتزوج يجد من يعتني به ويضفي على حياته السعادة ويعطيه النصائح.
وقد لاحظت الدراسة أن النساء المتزوجات أيضاً تزيد أعمارهن عن العازبات. ويؤكد الباحثون على أهمية الزواج وأنه يمنح الإنسان قدرة على السعادة والتفكير الإيجابي وبالتالي يمنحه مناعة أكبر، وهذه العوامل تساهم في أن المتزوجين يعيشون أكثر.
وقد أكدت بعض الدراسات على أهمية العلاقات الاجتماعية، فقد لاحظوا أن الإنسان الذي يتمتع بعلاقات أقوى ولديه روابط اجتماعية وخصوصاً مع أقاربه يعيش أكثر من ذلك الإنسان الانعزالي! وهونا نتذكر قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: من أحب أن يُنسأ له في عمره فليصل رحمه، فهذا الحديث يربط بين صلة الرحم وطول العمر، وهو ما يراه العلماء اليوم من خلال أبحاثهم، فسبحان الله.
وهنا يا أحبتي
نتذكر قاعدة نبوية رائعة سنَّها الحبيب الأعظم وذلك عندما جاءه رجل يريد ألا يتزوج أبداً، فقال له: (من رغب عن سنَّتي فليس مني)! فالنبي صلى الله عليه وسلم سنَّ الزواج وجعله عملاً يُثاب المؤمن عليه، فانظروا كيف تأتي التعاليم النبوية الشريفة دائماً لفائدتنا ومنفعتنا، فهل نقتدي بهذا النبي الرحيم؟
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
إنها آية عظيمة تستحق منا أن نتفكر فيها وبدلالاتها ومعانيها، ولذلك فإن هذه الآية خُتمت بقوله تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فما هي الأشياء التي ينبغي علينا أن نتفكر فيها؟ لنتأمل هذه الآية العظيمة، يقول تبارك وتعالى(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم: 21].
دائماً عندما نسمع قول الحق (وَمِنْ آَيَاتِهِ) يجب أن ندرك أن هناك معجزة ما سوف يحدثنا عنها الله سبحانه وتعالى، وهذه المعجزة هي "معجزة الزواج".
لقد استغرقت مني هذه الآية وقتاً طويلاً وأنا أتساءل: ما هو السر الذي أودعه الله تبارك وتعالى في الزوجين، وما هو التأثير المتبادل للأزواج، وما الذي يدعو للتفكر في هذا الموضوع؟ وبما أننا تعودنا على الخطاب بأسلوب الحقائق العلمية فلا بد أن هذه الآية تخفي وراءها أسراراً علمية كثيرة ينبغي علينا كمؤمنين ألا نمر عليها مرور الكرام، بل أن نتوقف ونتأمل ونتدبر حتى نزداد إيماناً وتسليماً لله عز وجل كما قال تعالى: (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب: 22].
كيف يحدث السكون بين الزوج والزوجة؟
يؤكد الباحثون في مجال علم النفس على أهمية أن يكون للرجل زوجة، ويقولون إن وجود زوجة بقربه دائماً سوف تخفف التوتر النفسي بشكل كبير وتخفف القلق والإحباط. وفي دراسة حديثة وجدوا أن الرجل عندما يسافر وبخاصة سفراً متكرراً من أجل العمل أو التجارة أو الدراسة، فإن احتمال أن يُصاب بأمراض القلب تنخفض جداً عندما يكون بصحبة زوجته!
وجدوا أيضاً أن الرجل المتزوج أكثر قدرة على التركيز والإبداع، أما المرأة المتزوجة فقد وجدوا أنها أكثر قدرة على العطاء من المرأة غير المتزوجة، وفي ظل العنف المنزلي الذي نراه اليوم في الدول المتقدمة، فإن العلماء يؤكدون أن معظم هذا العنف ناتج عن مخالفة الزواج الطبيعي، واللجوء إلى الزواج غير الشرعي، حيث تجد رجلاً وامرأة يعيشان معاً دون أي عقد زواج، وهذا يؤدي إلى عدم الاستقرار.
زيادة الإنتاج العلمي والقدرة على الإبداع
تؤكد دراسة حديثة أجراها علماء جامعة كانساس (نوفمبر 2006) أن العالم المتزوج أكثر قدرة على الإبداع والإنتاج العلمي من العالِم الأعزب، ولكن الدراسة تؤكد على أن الإنتاج العلمي ينخفض لدى النساء المتزوجات بسبب انشغالهن بشؤون المنزل وتربية الأطفال ومسؤولية الزوج.
ومن هنا ندرك أن عطاء المرأة المتزوجة وإبداعها ينصب باتجاه أطفالها وبيتها وزوجها، وهذا من نعمة الله تعالى على الزوجين ليعيشا في راحة تامة. ووجد العلماء أيضاً أن الشخص الذي يعزف عن الزواج ويعيش وحيداً يكون معرضاً بنسبة أكبر إلى أمراض التوتر النفسي والنوبات القلبية!
التأثير المذهل للكلام الطيب!
الكلمة الطيبة صدقة! هكذا أخبرنا النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام، هذا إذا كانت الكلمة الطيبة لشخص غريب فكيف إذا كانت لزوجة أو زوج، كم سيكون أجرها وثوابها عند الله تعالى؟! ويؤكد الباحثون اليوم أن الكلام المليء بالحنان والعاطفة والرفق له تأثير مذهل على كل من الزوجين، ويخفف إلى حد كبير من المشاكل بينهما.
لقد نشرت الصحف منذ أيام خبراً اعتبره الأطباء بمثابة معجزة في عالم الطب، فقد أصيبت امرأة بمرض فقدت معه الوعي ودخلت في حالة غيبوبة، واستمرت على هذه الحال عدة أشهر، ولكن زوجها كان يجلس كل يوم بجانبها وهو يكلمها كلاماً لطيفاً ويؤكد لها بأنه يحبها ويحرص عليها، ومع أن الأطباء سخروا منه إلا أن هذا الزوج أكد لهم أن الكلام الطيب له تأثير مذهل.
العجيب أن الزوجة الغائبة عن الوعي استعادت وعيها بشكل مفاجئ!! ووقف الأطباء مندهشين أمام هذه الحالة الفريدة التي كانوا يتوقعون لها أن تبقى هكذا عدة سنوات، ولكن الكلام له تأثيره المذهل الذي تعجز عنه وسائل الطب.
من هنا عزيزي القارئ ربما ندرك لماذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يكثر من الكلام الطيب مع زوجاته، لدرجة أن آخر وصية أوصى بها بل وختم بها وصاياه كانت من أجل أن نستوصي بالنساء خيراً، فهل هناك أعظم من هذا النبي الكريم؟ ليت علماء الغرب يعرفون هذه الحقيقة! إنهم يصرفون اليوم بلايين الدولارات لعلاج العنف المنزلي والاغتصاب والشذوذ ولكن دون فائدة، لذلك يا أحبتي هل علمتم لماذا اهتم النبي الكريم بمسألة النساء وأعطاها اهتماماً بالغاً؟ لنقرأ معاً الفقرة التالية لندرك خطورة الابتعاد عن وصية النبي وبلغة الأرقام.
ماذا يحدث لو خالف الأزواج فطرة الله؟
إن الله تعالى قد أودع بين الزوجين شعوراً متبادلاً يؤدي إلى سكون الزوج إلى زوجته، وسكونها إليه أيضاً، وبالتالي تزداد بينهما المودة والرحمة، ولكن هناك من الأزواج من يبتعد عن طريق الله تعالى ويعصي أوامره، ولا يقدر هذه النعمة من الله تعالى، فما هي النتيجة، لنتأمل هذه الإحصائيات في بلاد الغرب حيث نسبة الإلحاد أكبر ما يمكن:
تقول الإحصائيات الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية إنه في كل ربع دقيقة هناك حادثة عنف منزلي تقع في مكان ما، هذا فقط في أمريكا! وتقول الإحصائيات إن ثلاثة أرباع الضحايا هم من النساء!
في دراسة أوربية أجريت عام 1992 تبين أن 25 % من نساء أوربا تعرضت لحادثة عنف منزلي في حياتها لمرة واحدة على الأقل (Council of Europe 1992).
في عام 1998 رصدت الإحصائيات أكثر من مليون ونصف حادثة عنف في أمريكا منها 1830 حالة انتهت بالقتل (طبعاً هذا في عام واحد وفي بلد واحد فتأمل كم عدد الحالات في عشر سنوات وفي دول متعددة!!)، والعجيب أننا نرى الكثير من العيادات النفسية والمراكز والجمعيات والمواقع على الإنترنت قد خُصصت لعلاج آثار العنف بين الأزواج، ولكن للأسف الأرقام في ازدياد.
وقد أخذنا الإحصائيات الحديثة التالية من أحد المواقع (Statistics of Battered Women, www.asafeplaceforhelp.org) وهي خاصة بنساء الولايات المتحدة الأمريكية فقط:
- في كل 9 ثانية هناك امرأة يُعتدى عليها جسدياً من قبل زوجها!
- 7 % من نساء أمريكا تم الاعتداء عليهن جسدياً، و 37 % تم الاعتداء عليهن عاطفياً بالكلام البذيء والشتم.
- نسبة النساء الحوامل اللاتي تم الاعتداء عليهن تصل إلى 26 بالمئة.
وتؤكد الإحصائية أن نسبة كبيرة جداً من العنف وجرائم القتل ضد النساء تأتي من قبل الأزواج غير الشرعيين!! فانظروا معي إلى عاقبة من يبتعد عن سنَّة الله تعالى ويسلك طريقاً تخالف الفطرة الإلهية، يقول تعالى: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30].
أحبتي في الله! إن معظم هذه الحالات ناتج عن عدم الإيمان بالله واليوم الآخر، يؤكد علماء النفس أن أجمل إحساس لدى المرأة أن تحس بقيمتها عند الرجل، وتحس بأنها شيء كبير في نظره، وهذا يساعد على استقرار الحالة النفسية للمرأة بشكل كبير، ومن هنا ندرك عظمة الوصية النبوية الرائعة: (استوصوا بالنساء خيراً)!!
عواقب من يخالف فطرة الله...
هناك أيضاً مسألة الشذوذ الجنسي نتجت من كثرة التعرِّي والفواحش المعلنة والعزوف عن الزواج، وفي دول الغرب هناك ظاهرة تنتشر بشكل كبير اليوم وهي أننا نجد رجلاً يعيش مع رجل آخر أو امرأة مع امرأة، يعيشان وكأنهما زوجان، وتؤكد الإحصائيات أن نسبة العنف بين الشاذين جنسياً كبيرة جداً، تصل إلى 18 ضعف العنف بين الأزواج الطبيعيين. وتصل نسبة العنف والضرب بين الشاذين جنسياً إلى أكثر من 30 بالمئة حسب هذه الإحصائيات (Statistics Canada, Canada's National Statistical Agency, July 7, 2005).
ويؤكد الباحثون في هذا المجال أن العلاقات غير الطبيعية أي بين المتماثلين جنسياً ويسمونها زواج المثلية، لا تدوم لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، وهذا أكبر دليل على أن أي شيء يخالف فطرة الله تعالى لا يستمر ولا يثمر!
الإيدز: من نتائج الابتعاد عن فطرة الله
لا يخفى على أحد اليوم كيف أن ممارسة الفاحشة والإعلان بها سبب أمراضاً خطيرة غير قابلة للعلاج على رأسها :الإيدز"، وتقول أحدث الإحصائيات عن هذا المرض الذي ظهر قبل أكثر من ربع قرن، وعلى الرغم من إنفاق الدول آلاف الملايين من الدولارات على معالجة هذا المرض إلا أن الأرقام لا زالت في ازدياد، لنتأمل:
قارة أفريقيا هي الأكثر تضرراً من هذا المرض القاتل، ويقول الدكتور "جيس تشن" من جامعة كاليفورنيا: إن هذا المرض ينتشر في أفريقيا بشكل مرعب، وهناك 350 مليون شخص يحملون فيروس الإيدز، وعدد الإصابات القاتلة 25 مليون إصابة يموت منها كل عام مليوني إنسان! طبعاً معظم الإصابات تقع خارج الدول الإسلامية أي جنوب الصحراء الكبرى! وهذا برهان مادي على أن تعاليم الإسلام صحيحة. تأملوا هذه الأعداد:
في جنوب أفريقيا هناك 20 % من السكان يحملون فيروس الإيدز!!
من العام 2002 حتى 2020 سوف يقتل الإيدز 68 مليون شخص في العالم!
تؤكد منظمة الأمم المتحدة أن هذا المرض يحتاج كل عام 10 بليون دولار كنفقات علاج!
تخبرنا الأمم المتحدة بأن هنالك في العالم 14 ألف شخص يُصابون بالإيدز وذلك كل يوم!!! ونصف هذا العدد من النساء، ومن هؤلاء 2000 طفل وطفلة! ونحن نقول كل يوم، فتأمل هذه الأعداد الضخمة. إن الخسارات التي سيسببها هذا المرض في عام 2008 هي 22 بليون دولار!
لقد حصد الإيدز منذ 1980 وحتى نهاية 2005 أكثر من 27 مليون إنسان منهم رجال ونساء وأطفال، وفي عام 2005 فقط فقد أكثر من 3 ملايين شخص حياتهم، وهنالك أكثر من 40 مليون شخص يعيشون مع هذا الفيروس وسوف يموتون عاجلاً أم آجلاً.
ويؤكد الباحثون أن معظم حالات الإصابة بالإيدز ناتجة عن العلاقات الجنسية الشاذة والعلاقات الجنسية المحرمة والمخدرات، وجميع هذه الأشياء حرمها الله تعالى، وينبغي علينا أن نفكر بنتائج من يبتعد عن طريق الله وعن الفطرة الإلهية التي فطر الناس عليها.
تأملوا معي هذا النداء الإلهي لكل مؤمن: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30]. لو أن الناس طبقوا هذا الأمر الإلهي هل ستبقى إصابة واحدة في العالم!
الأولاد غير الشرعيين
في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت معدلات الولادات الناتجة عن زواج غير شرعي حتى وصلت إلى 37 % (إحصائيات 2004)، والغريب أن ظاهرة الأولاد غير الشرعيين في الغرب أصبحت مقبولة من قبل الرجال والنساء على حد سواء.
وتقول الدراسة المنشورة على موقع BBC إن نسبة الأولاد غير الشرعيين في بريطانيا كانت 12 % في عام 1998 وقفزت إلى 42 % عام 2004 (Office for National Statistics). أما في دول أوربا الغربية فنسبة الأولاد غير الشرعيين (أي أولاد الزنا) تصل إلى 33 % (the annual ONS' Social Trends report).
لقد أصبحت نسبة الرجال الذين يعيشون مع زوجات غير شرعيات 24 % ونسبة النساء اللاتي يعشن مع أزواج غير شرعيين أصبحت 25 % (ONS, 2004).
رسم بياني يمثل نسبة الأولاد غير الشرعيين في بعض دول أوربا، ونلاحظ أن النسبة في السويد مثلاً وصلت إلى 55 % عام 2004. وفي أفضل الحالات مثل إسبانيا فإن النسبة وصلت في العام 2003 إلى 22 %، فتأملوا معي: من كل 100 مولود هناك من 22 إلى 55 مولود غير شرعيين، ألا ترون معي أن هذه مؤشرات لانهيار حضارة الغرب! (المرجع BBC).
الاغتصاب: من نتائج العزوف عن الزواج
لا تعجب عزيزي القارئ إذا أخبرتك أنه في بلد هو الأكثر تطوراً في العالم يمكن أن تتوقع حدوث اغتصاب لامرأة أو فتاة كل دقيقتين ونصف!! وتقول الإحصائية إن من بين كل ست فتيات في أمريكا هناك فتاة على الأقل تم اغتصابها ذات يوم!!! وفي عام واحد تغتصب 200000 امرأة، وهذا كل عام! وبالطبع هذه إحصائيات رسمية، أما الأرقام الحقيقية فهي أكبر من هذا بكثير!!
حتى إن دول كثيرة في الغرب خصصوا أرقام هواتف خاصة لتشجيع الفتيات على الاتصال للإبلاغ عن حالات الاغتصاب، لأن معظم الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، وهناك مشافي ضخمة جداً لعلاج الآثار النفسية التي تعاني منها الفتاة التي تم اغتصابها، كذلك هناك مقررات تُدرَّس في الجامعات عن علاج النتائج الخطيرة للاغتصاب وأثر هذه الظاهرة المدمرة للمجتمع.
ولذلك فإن معظم حالات الاعتداء الجنسي التي تقع على النساء تأتي من معارفهن وأصدقائهن ومن لهم علاقة حميمة بهن. ويقول العلماء الذين درسوا هذه الحالات: إن ثلاثة أرباع حالات الاغتصاب تتم من قبل الأصدقاء والمعارف والأشخاص ذوي الصلة المباشرة بالفتاة (National Crime Victimization Survey, 2005). ومعظم هذه الحالات تتم في بيت هذا الصديق أو ذاك!
لذلك فإن الابتعاد عن طريق الله والإعراض عن ذكره يعرض صاحبه لضنك العيش، فلن يكون سعيداً في الدنيا، أما في الآخرة فالعذاب بانتظاره، لقد كان في الدنيا ينظر إلى ما حرم الله ويمتع نظره بالفواحش ولذلك سوف يفقد هذا البصر يوم القيامة ويحشره الله أعمى، يقول تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) [طه: 124-127].
الآثار الخطيرة لظاهرة الطلاق
إن الله تعالى قد أمرنا أن نتفكر في هذه الآية (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، وذلك لهدف كبير ألا وهو أن ندرك نعمة الله علينا وأن نسكن إلى أزواجنا ونقترب أكثر ونزيد المودة والرحمة فيما بيننا، أما إذا خالفنا وصية النبي الأعظم (استوصوا بالنساء خيراً) وخالفنا الوصية الإلهية: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء: 19]، في هذه الحالة سوف تكون العواقب وخيمة.
في أمريكا الإحصائيات دقيقة جداً لحالات الزواج والطلاق، وفي دراسة ميدانية يقول الباحث Gordon Berlin إن الحياة الزوجية المستقرة هي أساس التقدم والنجاح في كل المجالات، وإن معظم الأولاد الذين يفشلون في التعليم أو يتركون الدراسة مبكراً هم أبناء لأبوين مطلقين! كذلك فإن نسب الأولاد الذين ينحرفون باتجاه السرقة والمخدرات وغير ذلك أيضاً أكبر في حالة الأبوين المطلقين. ويمكنك أن تتوقع عزيزي القارئ أن نسبة الطلاق يمكن أن تصل في أمريكا إلى 50 % في بعض السنوات!
دعاء تيسير الزواج
أخي المؤمن، أختي المؤمنة، كلّنا يطمح أن يرزقه الله الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة، ولكن هناك مشكلة يتعرض لها الشباب والبنات اليوم على حد سواء، وهي مشكلة تأخر الزواج. وقد وجدتُ بعد دراسة معمقة لهذا الموضوع استمرت عدة سنوات أن التوكل على الله هو أقصر طريق لتيسير الزواج، وأن نرضى بما قسمه الله تعالى لنا، فالله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه يجب أن نيسِّر على أنفسنا أولاً حتى ييسِّر الله لنا!
ومن الوسائل الفعالة لتيسير الزواج الإكثار من الدعاء، مثلاً يمكن أن ندعو كل يوم سبع مرات بدعاء سيدنا زكريا عليه السلام: (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) [الأنبياء: 89]. والإكثار من قراءة سورة الإخلاص، وقراءة هذه الآية أيضاً: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، وقراءة سورة الفاتحة سبع مرات.
إخوتي في الله!
هذه المعلومات والإحصائيات ليست لمجرد الاطلاع، بل هي وسيلة لنتفكر في آية من آيات الله تعالى وهي "الزواج" وأن الله تعالى أودع بين الزوجين مودة ورحمة لا تأتي إلا بالزواج، وإذا ما تذكرنا نتائج الدراسات الجديدة حول الاستقرار النفسي، حيث وجدوا أن الأزواج أكثر استقراراً من الناحية النفسية من غيرهم، ندرك عندها معنى قوله تعالى: (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، وندعو بدعاء المؤمنين: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان: 74].
قبل أكثر من 1400 سنة نزل قوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور: 32]. وهذه الآية تؤكد أن الزواج يمكن أن يكون سبباً للغنى لقوله تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
ولكن بعض الناس في الجاهلية كان يخشى الفقر فكانوا يقتلون الأولاد أو يدفنوا البنات في التراب، ولذلك نزل قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) [الإسراء: 31]. ففي هذه الآية تعهد الله برزق الأولاد ورزق الآباء.
وبالطبع لم نكن نعلم من قبل أن هذه الآية تخفي إعجازاً علمياً، فالمؤمن كان يؤمن بهذه الآية ويقتنع بأن الله قادر على أن يرزقه، ولكن ضعيف الإيمان يقول: من أين يرزقني الله وكيف ومتى...؟
أما الملحد فليس لديه قناعة بهذه الآية، وهو يعتقد أن الزواج أو الأولاد هو مشكلة اقتصادية، ولذلك نجد الناس في الغرب قد اعتمدوا هذه القاعدة واقتصروا على طفل أو طفلين كحد أقصى. ولكن لم يكن أحد يتخيل أن مجرد الزواج هو وسيلة لزيادة الدخل!!
فقد نشرت مجلة التايم الأمريكية دراسة مؤخراً أجريت في جامعة أوهايو، وأظهرت أن المتزوجين، ولديهم أطفال، ترتفع دخولهم بمقدار 16 في المائة سنوياً، مقارنة بثمانية في المائة لدى غير المتزوجين.
وفي دراسات سابقة تبين أن منافع الزواج لا تقتصر على الفوائد التي عرفت سابقاً والمتعلقة بالاستقرار، وإنما تعدَّت ذلك إلى خفض نسبة الفقر في المجتمع.
فقد قامت الباحثتان الاجتماعيتان ماريا كانشين من جامعة وسكنسن، وديبورا ريد مديرة الأبحاث في مركز ماثماتيكا للبحوث السياسية، بإجراء دراسة نشرت في كتاب "تغيير الفقر.. تغيير السياسات"، تناولتا فيها تأثير انخفاض معدلات الزواج، وارتفاع معدلات الطلاق، وتأثيرها في مستوى الفقر.
وبينت الدراسة أن عدد السكان الذين يقعون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة سيرتفع بمقدار 2.6 في المائة بسبب كثرة حالات الطلاق، بعدما تبين لهما أن المرأة المتزوجة لديها فرصة أكبر في إيجاد عمل بدخل أكثر من نظيرتها غير المتزوجة.
كما بينت الدراسة أن وجود زوج أو زوجة في البيت، يؤدي إلى رفع الحالة المعنوية لكليهما، ما يؤدي إلى إنتاجية أكبر لهما وبالتالي زيادة الدخل الناتج من عملهما. وأوصت الدراسة بتوفير أماكن لرعاية الأطفال الصغار في مقار العمل، ما سيشجع غير المتزوجات على القيام بهذه الخطوة، دون الخوف على أولادهن، أو اعتبارهم عائقاً أمام تطورهم الوظيفي.
وهذا يعني أيها الأحبة أن الزواج وسيلة لزيادة الدخل، وهذه حقيقة علمية وليست مجرد مقولة! ومن هنا نستطيع أن ندرك أن الآية الكريمة تحوي إعجازاً، فمن الذي أخبر النبي الكريم بأن الزواج يمكن أن يكون سبباً في غنى الإنسان؟ إنه القائل: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على ذلك الرجل الذي أراد العزوف عن الزواج، وقال: (النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنَّتي فليس مني) [السلسلة الصحيحة للألباني]. إن سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم دائماً وبعدما ينكرها الملحدون نجد علماءهم ينادون بها، فماذا يدل ذلك؟ إنه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، فهل سيبقى الملحدون يشككون بهذه السنة النبوية العظيمة؟!
إذا أردت الابتعاد عن السرطان فعليك بالزواج!!
يرى الباحثون أن التوتر في الحياة الزوجية يؤثر على فرصة النجاة من السرطان، فقد أظهرت دراسة حديثة أن المتزوجين أكثر استعداداً لمقاومة السرطان والنجاة منه بينما المنفصلون أو المطلقون أقلّ قدرة على مقاومته.
قام باحثون أمريكيون من جامعة انديانا بتحليل البيانات التي جمعت من 3.8 مليون شخص شخصت إصابتهم بالسرطان بين عامي 1973 و 2004. وقد وجدوا أن المتزوجين منهم فرصتهم أفضل في تجاوز فترة السنوات الخمس تبلغ 63 في المائة مقارنة مع نسبة 45 في المائة في حالة المنفصلين أو المطلقين حسبما ذكرت دورية السرطان. وقال فريق الباحثين إن وطأة الانفصال ربما تؤثر على معدلات البقاء على قيد الحياة.
وكانت دراسات سابقة قد بحثت في تأثير الزواج على النتائج الصحية. وقد وجد الكثيرون تأثيراً مفيداً للزواج وأشار الخبراء إلى أن الحب والدعم الذي يقدمه شريك أو شريكة الحياة، ضروري لمقاومة المرض.
درس الباحثون معدلات البقاء على قيد الحياة بعد 5 و10 سنوات بالنسبة للمرضى المتزوجين، الأرامل والمطلقات، وكذلك الذين كانوا يمرون بفترة الانفصال عن الحياة الزوجية في وقت التشخيص. ووجد الباحثون أن أكثر الناس مقاومة للمرض هم المتزوجون ثم يأتي بعدهم المرضى الذين لم يسبق لهم الزواج من قبل، يليهم المطلقات ثم الأرامل.
تقول الباحثة الدكتورة جوين سبرين: المرضى الذين يمرون بمرحلة الانفصال عن الزواج في وقت التشخيص يمكن أن يكونوا أكثر عرضة للتدهور. إن تحديد العلاقة بين التوتر الناتج عن العلاقات بين الزوجين في وقت التشخيص قد يؤدي إلى التدخل المبكر مما يمنح المريض فرصة أفضل لتحقيق الشفاء.
ماذا نستفيد من هذه الدراسة؟
1- في كل يوم تظهر فوائد طبية جديدة للزواج، وهناك دراسات أثبتت الفوائد النفسية العديدة للزواج، ويمكن القول إن الزواج حاجة وضرورة ملحة للبشر، أما العزوف عن الزواج فهو أمر يخالف الفطرة. وهذا يتفق مع تعاليم الدين الإسلامي الذي هو دين الفطرة السليمة.
2- عندما نادى الملحدون في العصر الحديث بعدم الزواج واعتبروه عادة شخصية يمكن لمن أحب أن يستغني عنها، كانوا مخطئين جداً، لأن هذه الدعوة تخالف طبيعة الإنسان، وقد ثبُت علمياً أن العزوف عن الزواج يجلب الأمراض الجسدية والنفسية لصاحبه.
3- لقد وفر الإسلام علينا عناء البحث والتجربة وأعطانا مباشرة التعاليم الصحيحة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له ولكني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنَّتي فليس مني) [البخاري ومسلم].
ولذلك يا أحبتي يمكن القول: إن كل التعاليم التي جاء بها نبيّ الرحمة صحيحة ولو لم تثبتها الدراسات والتجارب العلمية، فهل نقتدي بهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؟
فوائد طبية جديدة للزواج المبكر
وجد بحث أسترالي أمريكي مشترك أن الأطفال الذين يولدون لآباء أكبر سناً يتمتعون بذكاء أقل من أقرانهم لآباء أصغر سناً. وتناقض النتائج المثيرة للدهشة، وبحدة، دراسات سابقة بينت أن الأمهات الأكبر سناً ينجبن أطفالاً سجلت بينهم نسبة ذكاء تفوق المتوسط.
وقال كبير الباحثين، جون ماكغراث، من "معهد كوينزلاند للمخ" Queensland Brain Institute، إن النتائج هي الأولى من نوعها عالمياً، وذات مضمون للرجال في المجتمعات الغربية، ممن يؤجلون الأبوة حتى بلوغ الأربعين أو أكثر.
وأضاف قائلاً: "النتائج مباغتة، لاسيما وأن هناك اعتقاداً بأن سنّ الوالد ليس بأهمية عمر الوالدة.. ولكننا تحصلنا على مزيد من الأدلة بأن عمره لا يقل أهمية كذلك، فكلما كان الأب أكبر سناً، ساءت نتائج الأطفال في اختبارات الذكاء."
وخلص الباحثون بعد معاينة بيانات 33 ألف طفل في الولايات المتحدة، خلال الفترة من عام 1959 و1965، تراوحت أعمار أبائهم بين سن 15 إلى 65 عاماً، إلى أن مستوى أداء الأطفال المولودين لآباء كبار السن، كان أقل في اختبارات الذكاء. وأجريت الاختبارات على أطفال في سن ثمانية أشهر، وأربعة أعوام وسبعة أعوام.
والدراسة، التي نشرت في دورية "المكتبة العامة لطب العلوم" الأمريكية، هي الأولى التي تقرن بين سن الآباء وذكاء الأطفال. وكانت دراسات سابقة قد وجدت أن أطفال الآباء كبار السنّ، عرضة أكثر لمخاطر الإصابة بمشاكل صحية منها: عسر النطق dyslexia، والشيزوفرينا، والتوحد، والصرع إلى جانب التقزم dwarfism.
وظل الرابط بين سن الوالد ومعدل ذكاء أطفاله قائماً ومهمّاً، حتى بعد وضع العلماء في الحسبان، عوامل أخرى مثل الحالة الاجتماعية-الاقتصادية والصحة العقلية للآباء. وأضاف ماكغراث: "بصراحة.. دهشنا من إيجاد مثل هذا الرابط الواضح." وقال العالم إنه لم يستخلص كيفية تأثر الأطفال، وفي مراحل متقدمة من حياتهم، بكبر سن والدهم، لأن الدراسة اقتصرت على الأطفال حتى سن السابعة.
ماذا نستنتج من هذه الدراسة؟
بلا أدنى شك فإن النظرة الغربية للزواج غير صحيحة، فطالما تغنى الغرب بأنه من الأفضل أن يؤخروا سن الزواج حتى الأربعين أو أكثر، ولكنهم صُدموا بالنتائج العلمية لهذه الدراسة وغيرها، فأصبحوا ينادون بضرورة الزواج المبكر، بهدف تحسين النسل ورفع مستوى ذكاء الأجيال القادمة.
ونقول إن النبي صلى الله عليه وسلم وجّه هذا النداء للشباب وقبل ألف وأربع مئة سنة!! وذلك عندما قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، وهذه الدعوة النبوية للشباب وليس للكهول! تتفق تماماً مع ما يشجع عليه العلماء اليوم وبعدما خاضوا تجارب مريرة.
وهذا يثبت أن الإسلام هو الدين الحق، وليس كما يدعي المبطلون أنه دين التخلف، وهكذا كلما كشف العلماء شيئاً جديداً وجدناه مطابقاً لما جاء به ديننا الحنيف. نسأل الله تعالى أن يحبّبنا بهذا الدين ويزيدنا اعتزازاً وفرحاً بانتمائنا لدين الفطرة – الإسلام. وصدق الله عندما قال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85].
كلما اكتشف العلماء حقيقة علمية جديدة وجدتُ أن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام لم يغفل ذكرها! فالقرآن كتاب العجائب يحوي أسرار السموات والأرض، والسنة المطهرة لا شك أنها وحي من الله تبارك وتعالى، ولذلك فهي مثل القرآن تحوي أسراراً وعجائب ومعجزات لا تُحصى.
وقبل أن أعرض على أحبتي القراء اكتشاف العلماء الأخير حول الزواج المبكر، أتذكر معكم كيف كان الملحدون والعلمانيون يسخرون من أحاديث النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وكيف كانوا يهزأون من الزواج المبكر عندما أمرنا النبي به في قوله: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)! وكانوا يقولون: إن محمداً لم يكن له هم سوى الزواج والأولاد، ويأتي العلم ليكشف صدق هذا النبي وكذب كلام الملحد!
فمنذ عدة سنوات وبعدما تفاقمت مشكلة الإيدز والأمراض الجنسية التي تصيب ملايين البشر بسبب الزنا والفواحش، بدأ بعض الباحثين يطلقون النداءات على ضرورة أن يكون الزواج مبكراً للحفاظ على صحة الفرد، وإنقاذه من الموت فيما لو استغرق في الفاحشة والشذوذ الجنسي.
لقد وجد العلماء أن الزواج "المتأخر" أي الذي يحدث بعد سن الأربعين له مساوئ اجتماعية ونفسية. فالحالة النفسية للإنسان تتحسن كثيراً عندما يكون له زوجة وأولاد، ولاحظت بعض الدراسات أن غير المتزوجين من كبار السن يكونون أكثر عرضة للإصابة بالنوبة القلبية والاضطرابات النفسية.
ثم جاءت بعض الدراسات لتؤكد على ضرورة "إشباع" الجانب العاطفي لدى الإنسان ليتمتع بصحة أفضل، فأكدوا أن المتزوجين أكثر سعادة ويتمتعون بجهاز مناعي أقوى من أولئك الذين فضلوا العيش وحيدين من دون زوجة، وهنا ربما يتجلى قول الحق تبارك وتعالى عندما حدثنا عن آية من آياته فقال: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. فهذه الآية تشير بوضوح إلى الاستقرار النفسي الذي يحدث لدى الإنسان بعدما يتزوج من خلال كلمة (لِتَسْكُنُوا)، كذلك تشير الآية إلى إشباع الجانب العاطفي من خلال قوله (مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، وهذه معجزة علمية لم يكن أحد يدركها، بل كان الرهبان يظنون أن الزواج ضار بالإنسان فكانوا يعزفون عنه ولذلك قال الحبيب الأعظم (لا رهبانية في الإسلام)!!!
في دراسة أخرى وجدوا أن الإنسان المتزوج أكثر قدرة على العطاء والإبداع، وأن المرأة المتزوجة أكثر قدرة على الحنان والعاطفة والعطاء! وتقول الدراسة إن غير المتزوجين من كبار السن يكون لديهم ميول عدوانية بنسبة أكبر من غيرهم، ولديهم بنفس الوقت ميل للتفرد والعزلة، وذلك بسبب مخالفتهم لسنن الكونية والطبيعية.
أما آخر الدراسات فهي ما نشرته جريدة ديلي ميل البريطانية حول ظاهرة غريبة لاحظها باحثون في جامعة Aarhusالدانمركية (وهذه الدولة تتميز بنسبة إلحاد لا بأس بها) فقد وجدوا بعد أكبر دراسة من نوعها طبقت على مئة ألف طفل، أن الأطفال الذين يولدون من أب صغير السن أطول عمراً من غيرهم، وأن الزواج المتأخر يؤدي إلى إنجاب أطفال لديهم نسبة أكبر من الاضطرابات.
فأثناء مراقبتهم لمئة ألف طفل وإجراء إحصائيات دقيقة عن صحتهم لاحظوا أن الأطفال الذين ماتوا قبل إتمام السنة الأولى من عمرهم كانوا 831 طفلاً، وكان معظمهم من آباء تأخروا في زواجهم. وقد وجدوا أشياء أخرى في الدراسة مثل الاختلافات في نسبة الذكاء وغير ذلك، وهذا ما دعاهم للتحذير من مخاطر التأخر في الزواج وجاء في الدراسة بالحرف الواحد:
The researchers warned: The risks of older fatherhood can be very profound and it is not something that people are always aware of.
أي أن هؤلاء الباحثين يحذرون من أن الأبوة المتأخرة تحمل مغامرات خطيرة وعميقة لا يدركها معظم الناس. وانظروا معي كيف ينادي الباحثون الدانمركيون بل ويحذرون من الأبوة المتأخرة (وهم علماء في معظمهم ملحدون لا يعترفون بالإسلام)، وأقول سبحان الله! أليس هذا ما نادى به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً!! أليس النبي الأعظم هو القائل: (فمن رغب عن سنَّتي فليس مني)! انظروا كيف تبرَّأ نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم من إنسان رفض الزواج وكيف اعتبر أن الزواج عبادة وسنة يثيب الله فاعلها! انظروا كيف جاء هذا النبي الرحيم بتعاليم جميعها لمصلحتنا وفائدتنا وإبعادنا عن الأمراض.
وتشير بعض الدراسات إلى أن في جسد كل منا ساعة حيوية خاصة بالزواج! فهناك توقيت وعمر محدد ينبغي على الإنسان أن يتزوج خلاله وهو في العشرينات أو أكثر بقليل، وإذا ما تأخر الزواج فإن هذا سيؤثر على خلايا الجسد وعلى النطفة والبويضة وبالتالي سيكون هناك احتمال أكبر لمشاكل نفسية وجسدية تصيب المواليد.
وأخيراً يا أحبتي أقص عليكم قصتي مع الزواج عندما كنتُ أعتمد على نفسي وذكائي وحساباتي فكان هذا الأمر متعسراً حتى وصلتُ إلى درجة التفكير بالعزوف عن الزواج نهائياً، ولكنني تذكرت قول الحق تبارك وتعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 259]. وعندما وقفتُ أمام هذه الآية وقررتُ أن أعمل بها، صدقوني يسَّر الله لي هذا الأمر بشكل لا يُصدَّق، ورزقني الله بزوجة كانت سبباً مباشراً في توجُّهي لهذه الأبحاث، وربما لا تصدقون إذا قلتُ لكم إن كل ما ألفته من كتب ومقالات وأبحاث كان بعد الزواج مباشرة!
وهذه نصيحتي لكل شاب وفتاة، توكلوا على الله بصدق، وتوجَّهوا إلى الله بإخلاص وضعوا حساباتكم جانباً، فالله تعالى سوف يريحكم من هذه الحسابات، وييسر لكم الزوج أو الزوجة الصالحة بسهولة، وتأملوا معي قول سيدنا يوسف عليه السلام بعدما رزقه الله الملك: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 90].
ماذا يفعل من تأخر في الإنجاب؟
في عصرنا هذا وبسبب الظروف الصعبة والتعقيدات التي يمر بها مجتمعنا فإننا نرى نسبة لا بأس بها ممن تأخروا في الزواج، وبالتالي هل ذكر الله مثل هذه الحالة في كتابه الكريم وما هو العلاج؟
القرآن لم يترك حالة إلا وضرب لنا مثلاً حولها ليكون هذا الكتاب العظيم كما وصفه رب العزة بقوله: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الزمر: 27-28]. ومن الأمثلة التي حدثنا عنها القرآن خليل الرحمن سيدنا إبراهيم الذي منَّ الله عليه بغلامين هما إسماعيل وإسحاق عليهم السلام، وقد كان شيخاً كبيراً، فقال سيدنا إبراهيم يحمد الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) [إبراهيم: 39].
وهذه معجزة خاصة بالأنبياء ولكن الأنبياء قدوة لنا في دعائهم وسلوكهم، فسيدنا زكريا كان شيخاً كبيراً ولم يكن لديه ولد فماذا فعل؟ لقد دعا ربه بدعاء عظيم ينبغي أن نحفظه وندعو به إذا حُرمنا نعمة الأولاد. يقول تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 89-90]. وتأملوا معي سر استجابة الدعاء في قوله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) فليفكر كل منا ويطرح على نفسه هذا السؤال: هل حقاً نحن نسارع في الخيرات؟
ويمكن القول إن المؤمن عندما يدعو ربه بإخلاص فإن الله تعالى يسخر له أسباب الإجابة وينجيه من الغم ومن الأمراض ومن أي ضرر أو شر أو سوء، ونتذكر هذا الدعاء على لسان سيدنا يونس: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87-88]. فالله تعالى قادر على أن يسخر لنا كل نفع وفائدة ويصرف عنا كل سوء بشرط أن نخلص الدعاء.
وانظروا معي إلى هذا الوعد الإلهي الذي جاء في سورة تتعلق بالزواج والطلاق: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 2-3]. كذلك تأملوا هذا الأمر الإلهي الذي جاء في سورة تتحدث عن عقوبة الزنا، يقول تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور: 32]، إذاً من كان يريد الزواج فليتق الله ويصبر، ومن كان عنده فتاة فينبغي عليه أن ييسر زواجها.